للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير ذلك من المقولات، التي تنتهى إلى القول بوحدة الوجود، وأنه ليس ثمة خالق ومخلوق..

ولا شك أن هذا تعسف فى التأويل، فضلا عن فساد المعنى المستنبط من هذا التأويل.. فإن الجار والمجرور «منه» متعلق بمحذوف، هو مضاف إلى الله سبحانه وتعالى، أي ذلك كله، من فضل الله، ورحمته..

وفى قوله تعالى: «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» دعوة إلى إعمال الفكر، فى مواجهة هذه القوى المسخرة، حتى ينسج الإنسان من هذه الخيوط المتنائرة هنا وهناك، ثوبا قشيبا، يتزين به، ويكون سمة له، وشارة تفرق بينه وبين عالم الحيوان، الذي يعيش على ما تعطيه الطبيعة، دون أن يكون له أثر يذكر فى تحوير شىء أو تبديله..

قوله تعالى:

«قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» ..

مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآيات السابقة قد كشفت عن بعض الوجوه المنكرة من المشركين الذين إذا علموا من آيات الله شيئا اتخذوها هزوا، ومع هذا فإن الله سبحانه وتعالى لم يمسك رحمته عنهم، بل ساق إليهم آياته، تحمل إليهم الهدى، وتدعوهم إليه، وتغريهم بالإيمان بالله، بما تعرض عليهم من دلائل قدرته، وسوابغ نعمه..

ثم إنه لكى يكون من المشركين الضالين إصاخة إلى هذه الدعوة الكريمة من الله سبحانه وتعالى لهم، ثم يكون منهم نظر فيما يدعون إليه من النظر فى آيات الله، وفيما سخر للناس فى السموات وفى الأرض من نعم- لكى يكون من المشركين هذا، كان على المؤمنين ألا يدخلوا معهم فى مجال الخصومة الحادة،

<<  <  ج: ص:  >  >>