مكانهم.. وهكذا.. ولو أنه كان من تدبير الله سبحانه أن يردّ الموتى إلى الحياة الدنيا، ويجعل لهم مقاما فيها لما كان من هذا التدبير أن يموتوا، ولظلوا أحياء أبد الدهر.. وهذا لا يكون إلا إذا لم يكن من هؤلاء الأحياء الخالدين توالد..
لأن التوالد معناه أن يبقى الخلف ويذهب السلف..
وانظر كيف يمكن أن تكون الحياة ليومنا هذا، لو طلع علينا الأموات الذين ضمتهم الأرض، واحتواهم التراب، منذ كان للناس وجود على هذه الأرض؟ يقول المعرّى، وقد وقع فى خاطره هذا التصور:
لو هبّ سكان القبور من الثرى ... أعيا المحل على المقيم الساكن
لغدوا وقد ملأ البسيطة بعضهم ... ورأيت معظمهم بغير أماكن!!
فأين هى الأرض التي تتسع لأجيال الناس، وهى تكاد تضيق بهذا الجيل من الناس؟.
فهذا القول الذي يقوله المشركون، ويتحدون به دعوتهم إلى الإيمان بالحياة الآخرة- قول فاسد، لا منطق له.. بل إن هؤلاء المشركين أنفسهم لهم أول الذين يدفعونه لو أنه تحقق، وطلع عليهم موتاهم من الآباء والأجداد..
وسمّى قولهم هذا حجة، لأنه لا حجة عندهم إلا هو.. فهو كل بضاعتهم فى هذا المقام..