لا نرى فيها إلا هذه الصور المكررة من حياة وموت، وموت وحياة..
أحياء يموتون، ومواليد يردّون إلى الحياة..! ولا شىء غير هذا..
«وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ» وهكذا تمضى بنا الأزمان والدهور، فتحتوى كلّ حىّ، وتضمّه فى كيانها، وتدرجه فى أكفان العدم الأيدى..
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
وقوله تعالى:«وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ» أي إن هذا القول الذي يقولونه، ويقيمون تصوراتهم وأفكارهم عليه، إنما هو من واردات الظنّ الذي لا يستند إلى شىء من العلم. «إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً»(٣٦: يونس) قوله تعالى:
أي ومن مقولات هؤلاء الضّالين، القائمة على الظّن الفاسد، أنهم إذا تليت عليهم آيات الله تحدّثهم عن البعث، والحساب والجزاء أنكروا هذا الحديث، وردّوه بلا حجّة، إلا هذه الحجة الفاسدة، وهى أنهم لن يصدّقوا هذا الحديث، ولن يأخذوا به إلا إذا ردّ إليهم آباؤهم الذين ذهبوا، وأن يروهم رأى العين أحياء بينهم! وهذا منطق لا يقبله عقل.. إذ كيف يقوم الأموات من القبور، ويعودون إلى الحياة مرة أخرى، ويعيشون فى الناس، ويشاركونهم الحياة فى هذه الدنيا؟ أهذا مما تحتمله الحياة؟. وهل بعث الأموات من قبورهم ليكونوا فى هذه الحياة الدنيا مرة أخرى- مما لا تتسع له الحياة.؟.
إن الحياة الدنيا لا تتسع إلا لأهلها الأحياء فيها، فإذا ذهبوا جاء غيرهم ليأخذ