للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره فى القرآن أنه إيمان على صفة غير ما عليه إيمان المؤمنين من أهل الكتاب!.

والإيمان بالله الذي عليه الأمة الإسلامية، هو إيمان برىء من كل شائبة من شوائب الشرك، وخلص من كل نزغة من نزغات الشك.. إنه إيمان مصفّى، يرى فيه المؤمن وجه الحق واضحا مشرقا، إذ لا يتكلف له المؤمن جهدا فى الوصول إليه، ولا تنقطع أنفاسه فى الدوران حوله، لأنه قريب، قريب، يراه العامة والفلاسفة على السواء.. إنه: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ذلكم الله ربّ العالمين، وهو ما يقوم به وعليه إيمان المسلمين.. بلا فلسفه، ولا كهنة، ولا أحبار، ولا رهبان.. إيمان يطمئن إليه قلب الرّاعى بين غنمه، والزارع وراء محراثه، كما يطمئن إليه قلب العالم فى معمله، والفيلسوف فى محراب فلسفته! إيمان بديهة.. لا تكدّ ذهنا، ولا تشتت خاطرا، ولا تزعج وجدانا.

وليس كذلك إيمان المؤمنين من أهل الكتاب.. إنه إيمان مرهق معقّد، مركّب على قضايا من المقولات الفلسفية والمنطقية، المبنية على معطيات مما وراء الطبيعة، التي تدور بها رءوس العامة، وتضطرب لها عقول العلماء.. فإذا آمن مؤمنهم بالله كان بينه وبين الله حجب كثيفة من هذه المقولات، التي لا يستطيع أن يرى الله من خلالها إلّا محاطا بضباب كثير من الشك والارتياب!! فإيمان المسلمين بالله، إيمان.. وإيمان أهل الكتاب بالله إيمان.. وبين الإيمانين بعد بعيد، وبون شاسع.. ومن هنا كان ذكر إيمان المسلمين فى هذا المقام تنويها بهذا الإيمان، وعزلا له عن إيمان المؤمنين من أهل الكتاب،

<<  <  ج: ص:  >  >>