الذي يرى وباء يفتك بالناس، ويذروهم كما تذرو الرياح الهشيم.. إنه- والحال كذلك- ينسى نفسه، ويدخل فى معركة مع هذا الوباء، غير حاسب حسابا لما قد يقع له من سوء، ولو كان فى ذلك ذهاب نفسه! هكذا هو موقف الأمة الإسلامية من الخير الذي ساقه الله إليها، على يد الرسول الكريم، مما تلقّى من بركات السماء، ورحماتها. «تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» كما جاءكم رسول الله يأمركم بالمعروف وينهاكم عن المنكر.. وفى هذا يقول الله تعالى «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ» .
وفى قوله تعالى:«تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» قدّم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على الإيمان بالله، الذي هو مقدّم على كل عمل طيب، حيث لا يطيب العمل، ولا يقبل، إلا مع الإيمان..
فكيف يؤخر الإيمان هنا، عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
والجواب عن هذا من وجهين:
أولا: أن الله سبحانه وتعالى إذ وصف هذه الأمة هذا الوصف الكريم، وحكم لها هذا الحكم القاطع اللازم، لم يصفها هذا الوصف ولم يعطها هذا الحكم إلا وهى على الإيمان، مجتمعة هى عليه ومشتملا هو عليها.. فهى ليست مطلق أمة، وإنما هى أمة مسلمة، تلك الأمة التي كانت استجابة من الله لدعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إذ يقولان كما حكاه القرآن عنهما: