أي أوقع فى ظن هؤلاء المنافقين الذين فى قلوبهم مرض، أن الله تعالى سيستر عليهم نفاقهم، ولا يكشف هذا الخبث الذي دسّوه فى قلوبهم، والذي تغلى مراجله فى صدورهم، ضغنا على النبي والمؤمنين، وشنآنا لهم، وكيدا ومكرا بهم؟ - أحسب هؤلاء المنافقون أن يظل نفاقهم مستورا، دون أن يفضحه الله ويفضحهم به على أعين الناس؟ إبهم لواهمون، مخدوعون، بما يصور لهم هذا الوهم..
وقوله تعالى:«أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ» - أي لن يبدى هذه الأضغان، ويكشفها، فتظهر لأعين الناس، بعد أن كانت مخبوءة فى الصدور..
هو معطوف على محذوف يقدر جوابا على الاستفهام الواقع فى قوله تعالى:
«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ» .. أي أن ذلك ظنّ باطل منهم، وأن الله سبحانه سيخرج أضغانهم، ويفضحهم بها على الملأ، وأنه سبحانه لو شاء أن يسمهم بسمات مادية، بطبعها على وجوههم، فلا يراهم أحد إلا عرف أنهم منافقون- لو شاء الله أن يفعل ذلك بهم لفعله، ولرآهم النبي رأى العين، ولرآهم المسلمون معه.. ولكن الله سبحانه لم نشأ حكمته أن يشاء ذلك، إذ لو أنه حدث لكان فتنة للناس.. وكيف لا يفتن الناس إذا كان ما يسرونه فى أنفسهم، وما يودعونه ضمائرهم، يظهر مجسدا عليهم؟ ثم كيف لا يفتنون إذا فعل أحدهم فعلا قبيحا لم يطلع عليه أحد، ثم إذا هذا الفعل قد لبس صاحبه، وأخذ ينادى فى الناس بهذا المنكر الذي فعله صاحبه؟ كيف يكون حال الناس لو أن هذا كان حادثا فيهم؟ ترى أتحتمل الحياة الإنسانية- فى