والبطانة هم الذين يدنيهم الإنسان منه، ويتخذهم موضع سرّه، فيطلعهم على ما يخفيه ويبطنه عن غيرهم.
وقوله تعالى:«لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ» أي لا تركنوا إلى أحد من غير دينكم، ولا تقاربوه هذه المقاربة التي يمكن أن يطلع منها على مواطن الضعف فيكم، فيكيد لكم.
وفى قوله تعالى:«لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا» إشارة إلى السبب الداعي إلى الحذر من مخالطة هؤلاء الذين يعادون الإسلام ويكيدون له.. إنهم يجهدون كل جهدهم فى النيل من المسلمين.. لا يقصّرون فى أمر فيه نكاية بالمسلمين، وخبال لهم، وإضعاف لشأنهم.
وفى قوله تعالى:«وَدُّوا ما عَنِتُّمْ» إشارة ثانية إلى ما فى قلوب هؤلاء القوم من كراهية للمسلمين.. يتمنون لهم ما يعنتهم ويثقل كاهلهم من هموم وآلام.
وفى قوله تعالى:«قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ» بيان شارح لتلك الأسباب التي تجعل المسلمين على حذر من هؤلاء القوم، وأمارة دالة على حقيقة تلك الأسباب.. فعلى ألسنة القوم ومن أفواههم تتساقط الكلمات المسمومة، التي يصوبونها فى خبث ودهاء إلى الإسلام والمسلمين، وليس هذا الذي يتساقط من أفواههم إلا شيئا قليلا مما تنطوى عليه قلوبهم من حسد وغيظ، وما تفيض به مشاعرهم من عداوة وبغضاء.
وفى قوله تعالى:«ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ» يضبط الله سبحانه وتعالى أولئك المسلمين الذين ظلوا على ولائهم وصداقتهم لهؤلاء الأعداء، ويقدمهم للمسلمين متلبسين بفعلتهم تلك المنكرة، ويريهم بأعينهم مدى الغبن الذي