متاهات الطرق، وطوامسها، فلا يدرى أىّ اتجاه يتجه.. إنه يتجه تارة يمينا وتارة شمالا، ومرة وراء، ومرة خلفا.. إنه لا يأخذ فى اتجاه حتى تساوره الشكوك. والظنون، فيعدل عنه إلى غيره، الذي يحسب أنه الطريق القاصد، ثم لا يلبث أن يتهم نفسه فيما حسب، فيعدل.. وهكذا..
هذا شأن الإنسان وحده مع نفسه.. فإذا كانوا جماعة على ضلال، كان لكل منهم وجهة، ولكل سبيل، ومع الوجهة وجهات، ومع السبيل سبل.. أما من كان على الحق، سواء أكان وحده أو فى جماعة، فإن الطريق واحد، له ولهم، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ»(١٥٣: الأنعام) .. وقد شرح الرسول الكريم، هذه الآية الكريمة فى الحديث الشريف الذي يروى عن ابن مسعود، قال:«خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطّا بيده ثم قال:
هذا سبيل الله مستقيما» وخط عن يمينه وشماله، ثم قال:«هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه» .. ثم تلا الآية:«وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً..» .
فى هذه الآية لقاء مع الكافرين، بعيدا عن الرسول وعن القرآن الذي بين يديه.. إنه لقاء مع عقولهم، إن كانت لهم عقول- فليدعوا الرسول وما جاءهم به، ثم لينظروا نظرا مجردا، لا يرد عليهم منه هذه الشبه التي وردت عليهم من أهوائهم، حين نظروا إلى الله سبحانه وتعالى من خلال الرسول، الذي يدعوهم إلى الله، وما أثار هذا من الحسد ودخان الغيرة أن يكون لرجل منهم هذه النعمة التي أنعم الله بها عليه..
فليدعوا الرسول، وليدعوا ما يتلوه عليهم من آيات الله، وليكونوا