للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم رسل أنفسهم، فى دعوتها إلى الله، والتعرف عليه..

فلينظروا إلى السماء فوقهم.. إنها ليست بعيدة عنهم، بل هى قائمة فوق رءوسهم، لا تحتاج رؤيتها إلى أكثر من أن يفتحوا عيونهم عليها.. فإنهم إن فعلوا، كان عليهم- إن كانوا يريدون الحقّ والهدى- أن يجيبوا على هذه الأسئلة التي تطلع عليهم من وراء النظر إلى السماء: كيف قامت هذه السماء؟

ومن أقامها؟ ومن زينها بالكواكب؟ ومن أحكم نظامها، ونظام الجاريات فيها، فلم تتصادم كواكبها، ولم تنطفىء أضوؤها وأنوارها المنبعثة منها على آماد السنين وتطاول الأزمان؟ فهل نظروا إلى السماء فوقهم؟ وهل أثار هذا النظر عقولهم، فسألوا أنفسهم تلك الأسئلة؟ وهل بحثوا عن جواب لها؟ إنهم لم ينظروا، ولو نظروا ما رأوا شيئا من هذا كله، لأنهم ينظرون بعيون كليلة، وعقول سقيمة، وقلوب مريضة! وقوله تعالى «ما لَها مِنْ فُرُوجٍ» الفروج، الصدوع، والتشققات التي تكون بين الشيء والشيء.. والمراد بنفي هذا العارض من الفروج عن السماء أنها على امتدادها، واتساعها الذي لا حدود له، قد قامت بناء راسخا، متلاحم النسج، لا تفاوت فيه: «ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ.. فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ؟» (٣: الملك) قوله تعالى:

«وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» ..

وإذا كان هؤلاء الكافرون المشركون قد كلّت أبصارهم عن أن ترى السماء وما فيها من دلائل القدرة، والحكمة، والعلم، فلينظروا إلى مواطىء أقدامهم.. إلى هذه الأرض التي يمشون عليها.. إنهم لو نظروا نظرا باحثا متفحصا لرأوا الأرض غير الأرض، ولرأوا فيها من آيات الله، ودلائل قدرته

<<  <  ج: ص:  >  >>