للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه كما فى يد الرسول آيات ناطقة بالحق، داعية إليه- كذلك هناك آيات أخرى فى الأرض، وفى السماء، وفى كل ما خلق الله، تشهد بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه الباطل.. ولكنهم لشقوتهم قد أصمّوا آذانهم عن سماع كلمات الله، وأغمضوا أعينهم عن النظر فى كتاب الوجود، فكفروا، وضلّوا.. فكان مأواهم جهنم وساءت مصيرا.

وفى قوله تعالى «لِلْمُوقِنِينَ» - إشارة إلى أنه لا ينتفع بتلك الآيات الكونية، ولا يقع على مواقع الهدى منها، إلا أهل اليقين، الذين يطلبون العلم والمعرفة، بالبحث الجادّ، والنظر المتفحص، فإذا وقع لهم من ذلك علم، كان علمهم عن برهان وحجة، فيقع منهم ذلك العلم موقع التثبت واليقين.. فهم- والحال كذلك- لا يتّبعون الأهواء، ولا يتابعون أهل الضلال..

قوله تعالى:

«وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ» أي إذا كنتم أيها المكذبون الضالون، قد كلّت أبصاركم عن أن تنظر فى صفحة هذا الوجود، وأن تمتد إلى أبعد من مواطىء أقدامكم، فإن ذلك لا يحول بينكم وبين الوصول إلى الدليل على قدرة الله وسلطانه القائم على الوجود، وإنه ليكفى أن تنظروا فى ذات أنفسكم، فإن فى أنفسكم عالما رحيبا، وكونا فسيحا.. وإنه ليكفى أن يقيم أحدكم بصره على مسيرته فى الحياة، من وجوده نطفة إلى أن صار رجلا.. إنكم ستجدون فى هذا سجلّا حافلا بالآيات الدالة على قدرة الخالق، وعلى حكمته، وعلى بديع صنعه، وحكمة تدبيره..

والاستفهام هنا توبيخ وتعنيف، لهؤلاء الذي عموا عن مشاهد القدرة الإلهية، وآثارها الناطقة فى كل ما خلق الخالق جلّ وعلا..

<<  <  ج: ص:  >  >>