وهنا نجد المدد السماوىّ ألفا من الملائكة لا ثلاثة آلاف، ولكن فى قوله تعالى:«بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ» وفى وصف الملائكة بالمردفين- ما يشعر بأن وراءهم أمدادا أخرى، تجىء مرادفة لهم، وفى أعقابهم، ويؤيد هذا قراءة السّدّى:«أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ» .
كذلك يجيء التعقيب على هذا المدد السماوي، بأنه لم يكن إلا بشرى للمؤمنين وتطمينا لقلوبهم، كما جاء ذلك فى آية آل عمران التي نحن بين يديها الآن! وقوله تعالى:«وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ» وقوله فى سورة الأنفال:
«وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى» بزيادة «لكم» هناك، لاختلاف المقامين.. حيث أن الخطاب فى آية الأنفال كان والمسلمون يواجهون الحدث مواجهة واقعية، ويتلقون بشريات السماء وهم مشتبكون مع العدو، فلا حاجة إلى تعيينهم بقوله سبحانه «لكم» على خلاف ما جاء فى آية آل عمران، إذ كان نزولها والمسلمون مقدمون على حرب المشركين، فى أحد، فجاءت هذه الآية مع أخواتها لتذكرهم بفضل الله عليهم فى يوم بدر، فكان التعيين بقوله «لكم» هنا لازما. إذ كان كثير من المسلمين الذين يشهدون أحدا اليوم لم يشهدوا بدرا بالأمس! كذلك ما جاء فى قوله تعالى فى آل عمران:«وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ» وفى الأنفال: «وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ» فلاختلاف المقامين اختلف الأداء للمعنى المراد.. فالمسلمون الذين خوطبوا فى سورة الأنفال كانوا فى مواجهة المعركة فى بدر، وقلوبهم مضطربة واجفة تنظر إلى ما يطلع عليها من فضل الله ورحمته،