الذين يتبعون الظنون الباطلة، والأهواء الفاسدة، ويتخبطون فى عمّى وضلال، فى الحال التي يقوم فيها بين أيديهم آيات بينات من ربهم، لو استقاموا عليها لاهتدوا ورشدوا.. إن الضالّ، له عذره إذا ضل، وليس بين يديه معلم من معالم الهدى أما أن يضل، وكل معالم الهدى بين يديه، فهو الملوم المذموم بكل منطق وبكل لسان!! قوله تعالى:
«أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى؟ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى» .
المراد بالاستفهام هنا النفي. أي أنه ليس للإنسان أن ينال كل ما تمنّيه به نفسه، ويدعوه إليه هواه.. وخاصة إذا كانت هذه الأمانى صادرة من عقول سقيمة، ونفوس مريضة، كتلك العقول، وهذه النفوس، التي يعيش بها هؤلاء المشركون.
فالمراد بالإنسان هنا، هو ذلك الإنسان الذي يقيم حياته على أوهام، وضلالات، ثم ينتظر الخير من وراء هذه الأوهام وتلك الضلالات.
وقوله تعالى:«فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى» - إشارة إلى أن الإنسان- أىّ إنسان- لا يملك لنفسه ضرّا ولا نفعا، فى الدنيا، أو الآخرة.. فالله سبحانه وتعالى يملك الأمر كله، لا شريك له.. وأن من أراد أن ينال الخير فى الدنيا والآخرة، فليطلب ذلك من الله سبحانه وتعالى، وليسع إلى مرضاته، والقرب منه، بما ينزل عليه من آياته، وما يقدّم إليه بين يدى رسله من هدى ونور..
فذلك وحده، هو السبيل إلى تحصيل الخير والفوز به.
وقدمت الآخرة على الأولى، لأنها هى الأولى، بابتغاء الخير فيها، والعمل لها، وعقد الآمال عليها، وتعليق الأمانىّ بها.