أي أنه إذا كان المشركون يتعلقون بالملائكة، ويعبدونهم من دون الله، ويرجون منهم الشفاعة لهم عند الله، فإن ذلك لا يغنيهم من الله من شىء..
إذ كان الملائكة أنفسهم هم تحت سلطان الله، لا ينالون شيئا إلا بما يأذن الله سبحانه وتعالى لهم به. إنهم ومن يعبدونهم سواء فى العجز عن التصرف فى شىء من ملك الله.. وإنه لضلال بعيد أن يطلب الخير ممن لا يملكه، ولا يطلب من مالك الملك ذى الجلال والإكرام.
«وكم» فى قوله تعالى: «وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ» - خبرية، يراد بها الكثير..
والسؤال هنا، هو: إذا كان قد انتفى عن كثير من الملائكة أن يشفعوا إلا لمن أذن له الرحمن منهم فى الشفاعة، ورضى شفاعته فيمن شفع له، فهل هذا يعنى أن بعضا من الملائكة غير هذا الكثير- تغنى شفاعته من غير إذن من ربه؟
والجواب على هذا- والله أعلم- أن المراد بالخبر هنا، هو ردّ على معتقد المشركين، فى شفاعة هذه المعبودات التي خلعوا عليها أسماء، اخترعوها لها من أهوائهم، وجعلوها بهذا بنات الله، وأنها تشفع لهم عند الله، كما يقول سبحانه وتعالى على لسانهم:«ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى»(٣: الزمر) وكما يقول جل شأنه: «وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ»(١٨ يونس) .. فأخبر سبحانه فى هذه الآية، بأن الملائكة الحقيقين فى السماء، لا هذه الدمى التي يمثلون