هذه الآيات، هى بيان لما فى صحف موسى، وإبراهيم، مما جهله هذا الذي تولّى وأعطى قليلا وأكدى..
ففى هذه الصحف، هذه الأحكام التي يدين الله بها عباده، وهى:«أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» أي لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى، بل كل امرئ بما كسب رهين.. وأنه «لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى» فلا يضاف إليه شىء من فعل غيره، ولا يضاف من سعيه شىء إلى أحد..
«وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى» أي ينظر فيه ويحاسب عليه «ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى» دون أن ينقص من سعيه شىء..
ومما فى هذه الصحف «أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى» أي منه تصدر الأمور، وإليه منتهاها، ومرجعها، كما يقول سبحانه:«إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى»
(٨: العلق) أي المعاد الذي يجتمع فيه الناس للحساب والجزاء.
ومما فى هذه الصحف أيضا، أن الله سبحانه وتعالى، هو الذي بيده الأمر كله، وإليه يردّ كل ما يساق إلى الناس مما يسرهم أو يسوءهم، فهو سبحانه الذي أضحك من أضحك، وأبكى من أبكى، وهو سبحانه الذي أمات من أمات، وأحيا من أحيا.. وأنه سبحانه هو الذي خلق الزوجين- الذكر والأنثى- من نطفة، لا يدرى أحد ماذا تعطى من ذكور أو إناث.. فهى لا تعدو أن تكون ماء على طبيعة واحدة، ولكن بعضه يعطى ذكورا، وبعضه يخرج إناثا.. حسب تدبير الله سبحانه وتقديره..
وفى قوله تعالى:«مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى» .. إشارة إلى مبدأ الحياة فى الكائنات الحية، وأنها تبدأ فى هذه الجرثومة السابحة فى هذا المنىّ.. والمنىّ قبل أن يمنى ويخرج من الرجل إلى المرأة، يكون فى حالة لم تنضج فيها جرثومة الكائن الحىّ، الذي تغرس بذرته فى الأنثى.. فإذا خرج المنىّ من الرجل فى