حالة اتصاله بالمرأة، كان هذا المنىّ قد نضج واستوى، وحمل فى كيانه جرثومة الحياة..
ومما فى هذه الصحف.. أن الله سبحانه وتعالى، سيبعث الموتى، ويخرجهم من الأرض مرة أخرى، كما كانوا فيها قبل أن يولدوا الولادة الأولى..
ومما فى الصحف أيضا، أن الله سبحانه، هو الذي أعطى من أعطى، وحرم من حرم.. فكان الغنىّ وكان الفقير «وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى» ..
فالإغناء يكون عن عطاء، والإقناء يكون عن منع..
والإقناء، ليس من القنية، كما يقول المفسرون، الذين جعلوا الإقناء مرادفا للإغناء.. أي أنه سبحانه أعطى ما يغنى الأغنياء، ويمكنهم من اقتناء الضياع، والقصور، والمتاع.. أي أغنى، وأعطى ما فوق الغنى.
وهذا- والله أعلم- لا يتفق مع نسق النظم الذي جاءت عليه الآيات، مقابلة بين الشيء وضده: الضحك والبكاء، والموت والحياة، والذكر والأنثى..
إنه لخروج على هذا النسق أن يكون الغنى، مقابلا للاقتناء الذي هو بمعنى الغنى أيضا! وذلك من غير داعية تدعو للخروج على هذا النسق..
فقوله تعالى:«أقنى» .. هو- والله أعلم- بمعنى منع، وحرم.. وهو مأخوذ من قنى المرء الشيء، إذا صانه، وضن به كأفنى واقتنى، ومنه قول الشاعر:
فاقنى حياءك لا أبالك إننى فى النائبات النازلات لفارس أي صونى حياءك، وضنى به، ولا تقفى موقفا يكشف هذا الحياء ويعريه..
فالإقناء من الله سبحانه وتعالى بمعنى المنع، أي أنه سبحانه أغنى أناسا، ومنع المال عن أناس، ولم يغنهم.