هو معطوف على قوله تعالى:«إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ» .
أي أنه إذا كان الإنفاق فى سبيل الله مما يردّ إلى المنفق مضاعف القدر، كريم الأجر- إذا كان ذلك كذلك، فإن هذا الإنفاق لا يزكو، ولا يطيب، ولا يعطى هذا الأجر الكريم- إلا إذا كان عن إيمان وثيق بالله، وبرسوله..
فالإيمان بالله رسوله، إيمانا خالصا من كل شائبة، هو الذي يزكّى كل عمل يعمله المؤمن، قلّ هذا العمل أو كثر، وهو الذي يرفع العبد عند ربه إلى درجه الصديقين والشهداء..
والصدّيق، هو كثير الصدق، أي من كان مصدقا بكل ما نزل من آيات الله، وبكل ما سمع من رسول الله، لا يرتاب فى شىء، ولا يتوقف عند شىء.. سواء عقله أو لم يعقله، وسواء وافق هواه أو خالفه.. فهذا هو الإيمان فى صميمه.. إنه ولاء، وطاعة، وإسلام، واستسلام.. ومن هنا كان «أبو بكر» رضى الله عنه «الصدّيق» الأول، و «الصديق» الأكبر، لأنه بعد أن آمن بالله وبرسوله، جعل عقله وراء كل ما يعرض له من أمر الله ورسوله.. وفى حادث صلح الحديبية، شاهد لهذا، فقد كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه، قد سار بالمسلمين عام الحديبية، على أن يدخل هو والمسلمون المسجد الحرام، وذلك لرؤيا رآها النبي الكريم، وأعلم المسلمين بها.. فلما وقفت قريش فى وجه الرسول وأصحابه، وهم على مشارف مكة، وانتهى الأمر بينه وبين قريش إلى أن يعود النبي بأصحابه هذا العام، وألا يدخلوا على قريش مكة فى عامهم هذا، على أن يعودوا حاجّين فى العام القادم، بعد أن تخلى قريش مكة لهم- وإنه لما انتهى الأمر إلى هذا الموقف، اضطرب المسلمون، وكثرت تساؤلاتهم عن هذا الوعد الذي وعدهم النبي إياه من دخول المسجد الحرام- كان أبو بكر رضى الله عنه، هو الذي لم يقع فى قلبه شىء من