شأن الخارجين على حدود الله، فى كل زمان ومكان.. «وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ»(١٨: الحج) وقوله تعالى: «وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ»«أي أن الله سبحانه قد بين للناس على يد رسله، مواقع حدوده، وأوضح لهم الطريق المستقيم، وأنه لا عذر لهم بعد هذا البيان المبين.. فمن كفر بآيات الله، واعتدى على حدوده، فله عذاب مهين..
وقد وصف العذاب فى الآية السابقة، بأنه عذاب أليم، لأنه فى حق المؤمنين الذين يعصون الله ثم لا يصالحونه سبحانه، بالتوبة إليه والعمل الصالح الذي يرضيه..
فهذا العذاب تأديب لهم، وإصلاح لا عوجاجهم.. أما ما جاء فى الآية التالية من وصف العذاب بأنه عذاب مهين، فهو فى حق الكافرين الذين يحادون الله ورسوله، وهؤلاء إنما يعذبون عذابا لا يراد به إصلاحهم وتأديبهم، وإنما يراد به إذلالهم وإهانتهم وكبتهم، لأنهم بكفرهم بالله ومحادتهم له، استوجبوا هذا الهوان من الله «ومن يهن الله فما له من مكرم» .. وقد وضع المؤمنون العصاة المصرون على العصيان، موضع الكافرين، لأنهم بعصيانهم وإصرارهم على العصيان أقرب للكفر منهم إلى الإيمان.. ومع هذا فإن إيمانهم بإله واحد، هو ضمان لهم آخر الأمر، بالخروج من النار.