للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يعنى أن الله سبحانه لا يخذل من عباده، إلا من يخذل نفسه ولا يطرد من رحمته إلا من يعمل على طرد نفسه، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:

«نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ» (١٩: الحشر) .. وكما يكون هذا فى حال الردع والعقاب، يكون فى مقام الفضل والإحسان، كما يقول سبحانه: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ» (١٥٢: البقرة) .. ومنه قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» (٦٠: غافر) ..

وقوله تعالى: «وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ» أي أنه سبحانه غنىّ غنى مطلقا، لا حاجة به إلى شىء من خلقه: «ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ» (٥٧: الذاريات) .. وهو سبحانه «حميد» أي المستحق الحمد وحده، المحمود من جميع خلقه، لأنه هو الخالق الرازق المنعم، المتفضل، من غير سابقة إحسان من مخلوق، أو ابتغاء نفع يرجى منه.

قوله تعالى:

«زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» ..

الزعم هنا، بمعنى الادعاء الكاذب، الذي يقع من صاحبه موقع اليقين..

أي ادعى الذين كفروا- افتراء وكذبا- أنهم لن يبعثوا.. وعلى هذا الزعم الباطل، والادعاء الكاذب، قطعوا كل ما يصلهم بالحياة الآخرة، وما يذكّرهم بها..

وقد كذّب الله سبحانه هذا الزعم، وردّه على زاعميه بقوله سبحانه: «قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ» .. والأمر «قل» هنا متوجه إلى النبي صلوات الله وسلامه

<<  <  ج: ص:  >  >>