هو جواب لسؤال يتردد على الخاطر ممن سمع قوله تعالى:«وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» - وهو: ما وراء هذا العلم الذي يعلمه الله من أعمالنا؟
فكان الجواب: ستعلمون ماوراء هذا العلم يوم تردّون إلى الله، يوم يجمعكم ليوم الجمع، وهو يوم القيامة، حيث يجزى المحسنون الجزاء الحسن، ويلقى المسيئون ما يسوءهم وما يخزيهم من عذاب وهوان..
وسمّى يوم القيامة يوم الجمع، لأن الناس جميعا يحضرونه، ويحشرون إليه من قبورهم، لا يغيب عنه أحد منهم.
وسمّى يوم القيامة كذلك يوم التغابن، لأنه اليوم الذي يرى الناس فيه أنهم غبنوا من جهة أنفسهم، وأن غبنا أصابهم فى حياتهم الدنيا، فلم يأخذوا حقهم كاملا فيها، ولم يستوفوا المطلوب منهم للحياة الآخرة..
فالغبن، هو الظلم الذي يجىء من وراء عدوان على حق.. ومنه الغبن الذي يقع فى البيع، بين البائع والمشترى، حيث يخرج الشيء المبيع عن الحدود المثلية له، زيادة أو نقصا، فإذا زاد الثمن زيادة فاحشة، كان الغبن واقعا على المشترى، وإذا نقص الثمن نقصانا فاحشا، كان الغبن واقعا على البائع.. ومنه الغبن فى الرأى، حيث يجىء الرأى فى الأمر بعيدا عن مرمى الإصابة لموقع الحق فيه، فيقال: فلان غبين الرأى، أي فاسده..