سواء من كان منها الذي ثبت طوال المعركة كلّها، أو من انهزم أو فرّ، ثم عاد إلى مكانه من القتال..
وهناك طائفة أخرى، ممن كانوا مع المسلمين أول الأمر، وعلى رأسهم عبد الله بن أبىّ بن سلول، فإنهم حين أوشك القتال أن يلتحم بين المسلمين وبين المشركين، انحاز بهم صاحبهم جانبا، متذرّعين بتلك الكلمة المنافقة، التي حكاها القرآن الكريم عنهم. فى قوله تعالى:«لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ»(١٦٦: آل عمران) وهم يعلمون يقينا أن القتال وشيك بين المسلمين وبين المشركين. ولكنهم لكى يجدوا لأنفسهم عذرا فى النكوص على أعقابهم قالوا تلك القولة الكاذبة التي حكاها القرآن عنهم..
هذه الطائفة لم يكن لها من هذا الأمن الذي سكبه الله فى قلوب المؤمنين، نصيب، وهى التي أشار الله سبحانه وتعالى إليها بقوله:
فهذه الطائفة، طائفة ابن سلول، قد أهمتهم أنفسهم، ولم يكن همّهم الإسلام، ولا الدفاع عنه.. بل طلبوا السلامة لأنفسهم أولا، فتجنبوا المعركة، ووقفوا بعيدا ينتظرون من تدور الدائرة عليه، من الفئتين المقاتلتين.
وفى قوله تعالى:«يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ» اتهام لهؤلاء الذين أهمّتهم أنفسهم، ومواجهة لهم بالجرم الذي ارتكبوه.. إنهم يظنون بالله ظنّ السّوء، فيكذّبون بما وعدهم الله به، وينظرون إلى الله تلك النظرة الباردة التي كانوا ينظرون بها إلى آلهتهم من الأصنام التي كانوا يعبدونها، فيجعلون حساب الله عندهم كحساب هذه الأصنام، حتى لكأن الإسلام لم