للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغيّر من حالهم فى جاهليتهم شيئا..

وفى قوله تعالى: «يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ» كشف لبعض ظنونهم السيئة بالله.. فهم يسألون فى استبعاد واتهام «هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ؟» ..

والأمر الذي يسألون أو يتساءلون عنه هو أمر النصر والغلب الذي وعد الله به النبىّ والمؤمنين.. وقد أمر الله الرسول أن يجيبهم بقوله تعالى: «قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ» .. فلو كانوا مؤمنين بالله حقّا لما سألوا هذا السؤال، ولعلموا أن كل شىء بيد الله، وليد الله.. ولكان عليهم أن يستقيموا على ما دعاهم الله إليه من الجهاد، معتصمين بالصبر والتقوى.. ثم ليستقبلوا ما يكون بعد ذلك من نصر أو هزيمة، فإن كان النصر، حمدوا الله وشكروا له، وإن كانت الهزيمة أسلموا أمرهم لله، وصبروا على ما أصابهم.. وقالوا قولة المؤمنين عند لقاء الأمور على وجوهها المختلفة: «كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» (٧٨: النساء) وقوله تعالى: «يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ» يكشف للنبىّ عن دخيلة هؤلاء الضعاف الإيمان، وأنهم يقولون فى أنفسهم، أي فيما بين المرء ونفسه، أو فيما بين بعضهم وبعض- يقولون شيئا غير هذا الذي واجهوا به النبي والمسلمين فى قولهم: «هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ؟» فهذا السؤال على ما فيه خبث، وضعف إيمان، يمكن أن يقبل منهم، ويحمل على الجهل وسوء الظن بالله..

ولكن الذي يدور فى أنفسهم، ويجرى فيما بينهم، هو اتهام صريح لله، وتجديف عليه، يكاد يكون ردّة عن الإسلام.. وهذا ما فضحه الله منهم وأعلنه على العالمين، فى قوله سبحانه:

«يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا» .

إنهم- هنا- يقولونها صريحة، بأن ما وعدهم الله لم يكن إلا غرورا.

<<  <  ج: ص:  >  >>