فكل نفس لها طاقة من الاحتمال، ولها قدر من القوة، وإنه على قدر طاقتها وقوتها، تحاسب، فتجزى بما كسبت، وعلى ما اكتسبت..
ومن أجل هذا كانت شريعة الإسلام- مع عمومها- تنظر إلى ما فى الناس- كأفراد- وإلى ما فيهم من قوة وضعف، فتكلف القوىّ بما لا تكلف به الضعيف..
ونجد مثلا لهذا فى نساء النبي، وما لهن من خصوصية، وما عندهن من استعداد لقبول الخير، بما كان لحياتهن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أثر فى مدّهنّ بأمداد عظيمة من الإيمان والتقوى.. ولهذا قام حسابهن عند الله على غير حساب عموم النساء.. ففى مقام الإحسان يضاعف الله لهن الإحسان، فيؤجرن بالحسنة ضعف أجر الحسنة من غيرهن.. فيقول سبحانه:«وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً»(٣١: الأحزاب) .. وكذلك الشأن فى مقام الإساءة- لو فرض أن تقع منهن سيئة- فيقول جل شأنه:
وليس هذا فى نساء النّبى وحدهن، بل إنه فى المؤمنين عامة، فقد كلف الله المؤمنين فى أول الإسلام، بأن يلقى المسلم منهم فى ميدان القتال عشرة من العدوّ، وأن يغلبهم، دون أن ينكل عن لقائهم، أو يفر منهم إذا التقى بهم.. وذلك لما كان فى قلوب هؤلاء السابقين إلى الإيمان، من قوة إيمان، ووثاقة دين، بما لم يكن لأحد أن يبلغ هذا المستوي العظيم بعد.. فلما دخل الناس فى دين الله أفواجا، وكان كثير من الذين آمنوا دون هذا المستوي، وعلى بعد بعيد منه-