للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهاؤه عن استعلاء على نزعات، وكبت لرغبات.. وعن هذا الجهد يكون الجزاء.. ولهذا قيل «على قدر المشقة يكون الثواب» ..

ثم إن الدين أمانة بين العبد وربه، وإن الوفاء بهذه الأمانة إنما يكون حيث يبذل المرء غاية جهده، ويعطى كل ما عنده، دون إفراط، أو تفريط..

والاحتكام فى هذا، إنما هو إلى ضمير المؤمن، وإلى ما يفتيه به قلبه، كما يشير إلى هذا الرسول الكريم فى قوله: «استفت قلبك.. وإن أفتاك الناس وأفتوك» !! فإذا أعفى الدين- مثلا- أصحاب الأعذار من الجهاد فى سبيل الله، كما يقول سبحانه.. «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» (٩١: التوبة) - إذا بيّن الإسلام هذه الأعذار التي تعفى المسلم من الجهاد، فإن بيان حدود هذه الأعذار من الضعف، والمرض، وضيق ذات اليد فى النفقة- إن بيان هذه الحدود، إنما يرجع إلى ضمير المسلم ذاته، إن كان مرضه أو ضعفه يعفيانه من الجهاد أو لا، أو إن كان بين يديه مال خفى أو ظاهر، أو لا.. فتلك أمور لا يعلمها إلّا الله سبحانه، وإلا أصحابها المتصفون بهذه الصفات..

وقوله تعالى:

«وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ» ..

هو من تمام التقوى التي أمر الله سبحانه وتعالى بها فى قوله جلّ شأنه:

«فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» فإن التقوى فى حدود الاستطاعة، مرجعها إلى القلب، وما انعقد عليه من إيمان بالله، ومراقبة لأوامره ونواهيه..

فهذا جانب يمثّل الضلة بين العبد وربه.. وحسابه فى هذا على الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>