هو استفهام يراد به النفي.. أي أننا لا نجعل المسلمين كالمجرمين، فلا نسوّى بين هؤلاء وأولئك فى الجزاء.. فإذا كانت النار هى مثوى المجرمين، فإن الجنة هى دار المسلمين..
وفى التعبير عن المسلمين بدلا من المتقين، الذين جاء هذا الاستفهام تقريرا وتوكيدا لما وعدوا به فى قوله تعالى:«إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ» - فى هذا التعبير إشارة إلى أن ذلك كان فى أول الدعوة الإسلامية، إذ الدعوة فى أساسها دعوة إلى الإسلام، والذين استجابوا لها كانوا يسمون المسلمين..
فكلمة الإسلام حينئذ كانت الكلمة الجامعة للإسلام، والإيمان، والتقوى، جميعا، إذ لم يدخل فى الإسلام إلا من أشرق قلبه بنور الحق واليقين، فلم يكن إسلام من أسلم فى أول الدعوة، عن رهبة، أو طمع فى شىء من متاع الدنيا..
إن كل مسلم استجاب لدعوة الإسلام فى هذا الدور من الدعوة الإسلامية، كان مسلما، وكان مؤمنا، وكان تقيّا، أي آخذا الإسلام كلّه، ظاهرا، وباطنا، إذ كان الذين استجابوا للإسلام، إنما استجابوا عن فطرة سليمة، ونفس مطهرة من رجس الجاهلين، وقلوب متفتحة للحق، متشوفة إلى الهدى، وحيث وطنوا أنفسهم على احتمال البلاء، وتلقى ضربات المشركين، بثبات ويقين..
فلم يكن- والأمر كذلك- شىء يدخل على إسلامهم من نفاق أو طمع فى جاه أو مال.. بل هى التضحية والفداء، فى سبيل الحق الذي آمنوا به..