ضلاله، ويهز كيانه كله، حين ينبّه إلى أن هناك خطرا محدقا به، دون أن يكشف له عن طريق النجاة من هذا الخطر.. إن عليه وحده أن يعرف مصدر هذا الخطر، وعليه وحده أن يجد الطريق إلى الفرار منه.. وذلك من شأنه أن يبعث فيه كل القوى الواعية المدركة ليدفع عن نفسه هذا البلاء المشتمل عليه، وليطفىء بيديه هذه النار المشتعلة فيه..
وقد كررت الدعوة فى قوله تعالى:«أَوْلى لَكَ فَأَوْلى» للتوكيد.. ثم كررت هذه الدعوة مؤكدة أيضا فى قوله تعالى:«ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى» مبالغة فى التنبيه والتحذير..
ويرى أكثر المفسرين أن قوله تعالى:«أَوْلى لَكَ فَأَوْلى. ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى» - هو تهديد ووعيد، وأن المراد بما هو أولى له، هو النار المعدّة له، وأن ذلك العذاب هو ما يدعى إليه.. هذا المكذب بآيات الله والرأى- والله أعلم- هو ما ذهبنا إليه، من أن هذا إلفات وتنبيه وإغراء بالرجوع إلى الله، وأخذ طريق غير طريق الضلال الذي يركبه هؤلاء الضالون.. والآيات التي جاءت عقب هذا الإلفات تؤيد الرأى الذي ذهبنا إليه، لأنها تحاجّ الإنسان وتفتح له طاقات من نور يمكن أن يرى على ضوئها طريق الحق فيسلكه..
قوله تعالى:
«أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً» ..
هو تعقيب على هذه الدعوة الموجّهة إلى منكرى البعث والحساب والجزاء..