هو تعقيب على الآية السابقة، يراد به الاحتراس من أن تفهم المشيئة الإنسانية على إطلاقها، فهذه المشيئة مقيدة بمشيئة الله، دائرة فى فلكها.. فمن كانت مشيئة الله سبحانه وتعالى فيه أن مؤمن، جرت مشيئته وراء مشيئة الله فكان من المؤمنين، ومن كانت مشيئة الله سبحانه وتعالى فيه أن يكفر، جرت مشيئته وراء مشيئة الله، وكان من الكافرين..
ولم كانت مشيئة الله سبحانه وتعالى مختلفة فى الناس، ولم تكن مشيئة واحدة؟ ..
إن ذلك تقييد لمشيئة الله سبحانه أولا، ثم هو إلزام لله سبحانه ثانيا، ثم هو إفساد لصورة الوجود ثالثا.. إذ أن من مقتضى وحدة المشيئة فى المخلوقات أن يكون الوجود كله لونا واحدا، لا أرض ولا سماء، ولا نجوم ولا كواكب ولا جماد ولا نبات ولا حيوان.. إلى غير ذلك مما ضمّ عليه هذا الوجود من مخلوقات، إذ أن تعدد هذه المخلوقات، واختلافها، صورا، وأشكالا، وألوانا وأمكنة وأزمانا، هو من عمل مشيئة الله سبحانه فى كل مخلوق خلقه.. إنها مشيئة واحدة، يقع على كل مخلوق حظه منها، وذلك بتقدير العليم الحكيم.
«إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً» يفعل ما يشاء عن علم محيط بكل شىء، وعن حكمة، مقدّرة لكل شىء..