للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجتمعة، متساندة، متآلفة، يعمل بعضها مع بعض كأنها قوة واحدة..

وفى هذا بيان لما لله سبحانه وتعالى من فضل وإحسان، على الإنسان، الذي خلقه، فأحسن خلقه، وأقامه على هذه الصورة التي علا بها على أفق الحيوان، فصار بشرا سويا، وأصبح خليفة لله على هذا الكوكب الأرضى.

وقوله تعالى: «وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا» .. إشارة إلى قدرة الله القادرة التي لا يفلت من سلطانها مخلوق، والتي تخلق ما تشاء وتختار، دون معوّق، أو معقب..

وهؤلاء الآدميون الذين خلقهم الله سبحانه على تلك الصورة من الإحكام والإتقان، لا يمسكها إلا الله، ولا يحفظ عليها وجودها إلا هو، فإذا أراد سبحانه أن يبدّل بهؤلاء الآدميين غيرهم نفذت إرادته ومضت مشيئته..

«وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» (٣٨: محمد) .

وفى جمع الأمثال: إشارة إلى أن قدرة الله سبحانه لا حدود لها، وأنه قادر على أن يقيم مكان هؤلاء الآدميين أمثالا، لا مثلا واحدا..

قوله تعالى:

«إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا» أي إن هذه الآيات، وما ضمّت عليه، من علم، وحكمة، هى تذكرة وموعظة، وهى دليل هاد، وقائد أمين، لمن شاء أن يتعرف طريقه إلى الله، ويسلك مسالك الهدى والرّشد.. وإنها لا تحمل قوة مادية قاهرة ملزمة تسوق الناس سوقا إلى الله، وإنما هى إشارات مضيئة إلى طريق الله. فمن شاء أقام وجهه على هذا الطريق، ومن شاء تنكّبه، وأدار ظهره له..

<<  <  ج: ص:  >  >>