للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَمِنَ اللَّيْلِ» أي ومن بعض الليل لا كلّه.. فحرف الجر «من» التبعيض..

فهنا أمران: أمر بالسجود، لله بعضا من الليل.. وأمر بالتسبيح له تسبيحا طويلا ممتدا، ما وسع الجهد.. وهذا على معنى أن «طويلا» صفة لمصدر محذوف دل عليه الفعل «سبحه» أي سبحه تسبيحا طويلا فى وقت الليل..

وهذا المعنى الذي ذهبنا إليه، هو أولى عندنا مما ذهب إليه المفسرون من أن طويلا صفة لقوله تعالى: «ليلا» .. فإن وصف الليل هنا بالطول لا معنى له..

فالليل هو الليل، طويلا كان أم قصيرا.. ثم إن «من» التي تفيد التبعيض لا تجعل لوصف الليل بالطول معنى..

وقوله تعالى:

«إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا» .

الإشارة هنا بهؤلاء، هى إلى المشركين الموصوفين بالإثم والكفر..

إنهم يحبون العاجلة، أي الدنيا، ويستهلكون وجودهم كله فيها، ولا يعطون شيئا للآخرة، بل يطرحونها وراء ظهورهم، وهى لاحقة بهم، لا تدعهم حتى تمسك بهم، ويطلع عليهم منها يوم ثقيل وقعه، بما يلقون فيه من كرب وبلاء..

قوله تعالى:

«نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا» .

الأسر: القوّة، والمراد به ما أودع الله سبحانه وتعالى فى الإنسان من قوى جسدية. وعقلية، وروحية، ونفسية..

فهذه القوى التي أودعها الخالق جلّ وعلا فى كيان الإنسان، هى قوى

<<  <  ج: ص:  >  >>