للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونبات.. ومن يدرى فربّما كان ذلك فى عالم الجماد أيضا، وفى هذا يقول الحق جلّ وعلاء: «وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» (٤٩: الذاريات) ويقول سبحانه: «وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» (٧: ق) . فهل كان خلق هذه الموجودات على تلك الصورة التي خلق عليها آدم «وحواء» كما تحدّث الأساطير عنها؟ الذّكر أولا، ثم كان من ضلع الذّكر خلق الأنثى؟ .. ذلك ما لا مفهوم له فى علم، ولا معقول له فى عقل! إن آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الذكر والأنثى لا تفرق بينهما فى أصل الخلقة، بل تجعلهما طبيعة واحدة، كان منها الذكر والأنثى، وهذا ما فهمنا عليه قوله تعالى: «فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ» (١٩٥: آل عمران) وهذا ما نفهم عليه قوله تعالى: «أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى» (٣٦- ٣٩: القيامة) ففى قوله تعالى: «فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى» إشارة صريحة إلى أن الإنسان يحمل فى كيانه طبيعة الذكر والأنثى، أي المادة المخلّق منها الذكر والأنثى، ففى الذّكر، ذكر وأنثى وفى الأنثى أنثى وذكر..

وذلك ما يقرره العلم الحديث، ويزكيّه القرآن العظيم.

ولو أردنا أن نأخذ بهذه الأسطورة ونقول فى خلق آدم وحواء بما تقول به الأساطير لكان علينا أن نرتفع بخلق آدم إلى بذرة الحياة الأولى للأحياء..

فى «الإميبيا» حيث يقوم التوالد والتكاثر فيها على الانقسام فى الجرثومة الواحدة! فهل إلى هذه الجرثومة الإيميبية تمتد أنظار المفسّرين الذين قالوا ان حواء وآدم خلقا من جرثومة واحدة كانت آدم أولا ثم انقسمت على نفسها فكانت آدم وحواء ثانيا؟ إن يكن ذلك فلا بأس به عندنا، وهو الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>