للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل هذا يمتنع أن يبقى خفيا، بل يجب أن يشتهر العلم به، فكما أن الكل كانوا عالمين بأن النكاح مباح، وأن إباحته غير منسوخة، وجب أن يكون الحال فى المتعة كذلك..

ولما بطل هذان القسمان- الثاني والثالث- ثبت أن الصحابة إنما سكتوا عن الإنكار على عمر لأنهم كانوا عالمين أن المتعة صارت منسوخة فى الإسلام» ..

وننتهى من هذا إلى حقيقتين، ينبغى أن نقررهما فى هذا المقام:

أولاهما: أن القرآن الكريم لم يجر فيه ذكر بإباحة المتعة، وأن الآية الكريمة، التي يستشهدون بها لهذا، وهى قوله تعالى: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» إنما هى لتقرير حكم من أحكام الزواج الشرعي الدائم، وهذا الحكم، هو المهر الواجب لصحة عقد هذا الزواج.

وثانيتهما: أن إباحة المتعة كانت مما أباحه الرسول الكريم- بإذن ربه- فى حال خاصة، حيث كان المجاهدون من المسلمين فى حال غربة، ولم يكونوا قد اصطحبوا نساءهم معهم، فخافوا الفتنة على أنفسهم، حتى أن بعضهم طلب الإذن لهم بالخصاء، كما أشرنا إلى ذلك فى الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود، رضى الله عنه، وهو قوله: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصى؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب ثم قرأ علينا: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» ..

وفى هذا الحديث:

أولا: أن المسلمين لم يكونوا إلى تلك الواقعة قد أذنوا بشىء فى المتعة.

وثانيا: أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي رخّص لهم، وأنه لم يتل عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>