للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: «وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً» كشف للطريق المهلك الذي ركبه المشرك بشركه، وأنه قد بعد عن طريق النجاة والسلامة، ولن يزيده المضىّ فيه إلا إمعانا فى الضلال، وبعدا عن طريق الحق، وشرودا عن مظانّ النجاة! وقوله تعالى:

«إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً» .

الضمير فى قوله تعالى: «مِنْ دُونِهِ» يعود إلى الله سبحانه وتعالى، و «إن» بمعنى حرف النفي «ما» أي ما يدعو هؤلاء المشركون من المعبودين الذين يعبدونهم من دون الله، إلّا إناثا.

والشيطان المريد. هو إبليس الذي تمرّد على الله، وجرؤ على عصيانه والخروج عن طاعته..

والمعنى: أن هؤلاء الذين أشركوا بالله، وعبدوا من عبدوا من دونه، لم يكن تقديرهم لهؤلاء المعبودين، إلا عن نظر سقيم، وقلب مريض، وعقل سفيه.

فما هؤلاء المعبودون الذين اتخذهم المشركون أربابا لهم من دون الله- إلا أحد شيئين: أولهما: إناث.. أي معبودات من المصنوعات، يعملونها بأيديهم، فى صورة أوثان وأصنام، ثم يزينونها بالملابس والحلىّ، كما تتزين النساء! وعبادة مثل هذه المصنوعات سفه ليس وراءه سفه، وضلال ليس بعده ضلال.. لأنها (أولا) أشياء ميتة، لا تسمع، ولا تبصر، ولا تملك من أمر وجودها شيئا.. فكيف يراد منها الخير لغيرها، أو يرجى منها العون لمن يقوم على أمرها، ويحفظ وجودها.. ولأنها (ثانيا) لم تتّخذ من صور الأشياء الجانب القوى منها، وهو جانب الذكورة، بل أضفى عليها صانعوها مظهر الأنوثة، فزادها ذلك ضعفا إلى ضعفها..

<<  <  ج: ص:  >  >>