وفى المنافقين يقول الله سبحانه:«يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ»(٩: البقرة) وخداع الله سبحانه للمنافقين هو أن يفسد عليهم تدبيرهم، وأن يردّ كيدهم إليهم، وأن يخلّيهم لأنفسهم، ويأخذهم بجريرتهم.. «وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ»(٤٣: فاطر) وقوله تعالى: «وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى»
هو مثل لمخادعتهم لله.. يقومون إلى الصلاة فى تكرّه وتخاذل، لأنهم لا يريدون الصلاة للصلاة، ولا يؤدونها أداء لحق الله، وشكرا لنعمائه، وإنما هم يؤدونها حتى يدفعوا بهذا الأداء الآلىّ تهمة الكفر، وحتى تكون أشبه بذرّ الرماد فى العيون. وهذا ما بيّنه قوله تعالى:«يُراؤُنَ النَّاسَ»
أي لا يذكرون الله إلا حيث يرون الناس ويراهم الناس.. فالمراءات، رؤبة متبادلة بين طرفين، كل منهما يرى الآخر.. وهذا يعنى أن المنافقين لا يصلّون إلّا حين يرون الناس، وإلا حين يراهم الناس وهم فى الصلاة، فإن كان فى الناس غفلة عنهم، لفتوهم إليهم بحركة أو إشارة، أو رفع صوت، أو نحو هذا.
إشارة إلى خلوّ أنفسهم من مشاعر الإيمان بالله واستحضار عظمته وجلاله..!
والذكر القليل الذين يذكرون الله به، هو ما يكون منهم حين تلمّ بهم الأحداث، أو تكربهم الكروب، فإذا انجلى عنهم هذا الذي نزل بهم، عادوا إلى ما كانوا فيه من غفلة عن الله، وذهول عن ذكره، بما هم فيه من شغل بأنفسهم، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ