ما يشير إلى أنهم جميعا من طبيعة واحدة، وعلى وجه واحد من وجوه الكفر والضلال، وأن قديمهم وحديثهم سواء، وأن الأبناء والآباء على طريق واحد، هو طريق اللجاج فى الباطل، والإغراق فى العناد.. وأن آباءهم الذين أعنتوا موسى، وكفروا بآيات الله ومكروا بها، لا يختلفون كثيرا عن هؤلاء الأبناء الذين التقوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فعادوا سيرة آبائهم فى أنبياء لله، مع هذا النبىّ الكريم، يلقونه بالأسئلة الماكرة المتحدّية، لا يبغون بها إلا العنت والضلال..
وفى قوله تعالى:«فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ» أي تجاوزنا عن ذلك، وأفسحنا لهم المقام فى هذه الحياة، لعلّهم يصلحون ما أفسدوا، ولتتظاهر الحجة عليهم، فيما يأخذهم الله به من عقاب، وفيما يصبّ عليهم من لعنات.
وفى قوله تعالى:«وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً» كبت لهم، وحسرات عليهم، إذ فاتهم ما أرادوا بموسى من مكر، وما دبّروا من كيد.. ثم هو كبت وحسرة لهؤلاء الذين يلقون «محمدا» صلوات الله وسلامه عليه بمكرهم وكيدهم، وأنهم هم الخاسرون، ولن يصيبهم إلا ما أصاب آباءهم من نقمة وبلاء، وما ينال محمدا إلا ما نال موسى من فضل وإحسان..