فقد رفع الله فوقهم الطور، أي جبل الطور، وأقامه ظلّة عليهم ليظلّهم ويكنّهم فى هذا التيه الذي غرقوا فيه أربعين سنة.. وفى هذا يقول الله تعالى:
«وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ»(١٧١: الأعراف) فلم يثقوا فى هذا البناء الذي أقامه الله عليهم، ودخلوا تحته دخول الخائفين، حتى لكأن يد الله لا تقوى على الإمساك به!! ثم حين أخرجهم الله من التّيه، وساقهم إلى العمران، ووجههم إلى إحدى القرى، دعاهم سبحانه إلى أن يدخلوا باب هذه القرية سجّدا، شكرا لله على هذه النعمة، وأن يقولوا وهم فى هذا السجود «حطّة» أي غفرانا لذنوبنا.. فبدّلوا وغيروا، ولم يحترموا كلمات الله، ولم ينزلوا عند وصاته لهم.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى..
«وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ»(٥٨- ٥٩: البقرة) ثم ألزمهم الله سبحانه ألّا يعدوا فى السبت، وألا يعملوا فيه عملا، عقابا لهم ونكالا، حيث خرجوا عن طاعة الله، ونقضوا مواثيقه.. فاعتدوا فى السبت، وباشروا فيه كل عمل.. وفى هذا يقول سبحانه وتعالى:«وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ»(٦٥: البقرة) .
وانظر إلى هذا التكرار فى قوله تعالى:«قُلْنا لَهُمُ» .. إذ يقول