للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الكعبة فقد خرج عن العهدة. قوله أَوْ كَفَّارَةٌ عطف على قوله فَجَزاءٌ وطَعامُ مَساكِينَ بيان له. ومن أضاف فللبيان أيضا أي كفارة من طعام مساكين مثل: خاتم فضة أَوْ عَدْلُ ذلِكَ الطعام صِياماً نصب على التمييز كقولك: لي مثله رجلا. وعدل الشيء ما عادله من غير جنسه، والعدل بالكسر المثل تقول: عندي عدل غلامك إذا كان غلاما يعدل غلاما، فإذا أردت قيمته من غير جنسه فتحت العين. ثم مذهب الشافعي أنه يصوم لكل مد يوما. ومذهب أبي حنيفة أنه يصوم لكل نصف صاع يوما وذلك بحسب الاختلاف في طعام مسكين واحد كما مر في كفارة اليمين. وبالجملة فحاصل مذهب أبي حنيفة أنه يوجب قيمة الصيد يقوّم حيث صيد، فإن بلغت قيمته ثمن هدي تخير بين أن يهدي من النعم ما قيمته قيمة الصيد وبين أن يشتري بقيمته طعاما فيعطي كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من غيره، وإن شاء صام عن طعام كل مسكين يوما. وحاصل مذهب الشافعي أن الصيد قسمان: ما له مثل من النعم وما ليس كذلك. فالأوّل جزاؤه على التخيير والتعديل فيتخير بين أن يذبح مثله فيتصدق به على مساكين الحرم إما بأن يفرق اللحم أو يملك جملته إياهم مذبوحا، وبين أن يقوّم المثل بدراهم ولا يجوز أن يتصدق بالدراهم ولكن إن شاء اشترى بها طعاما وتصدق به على مساكين الحرم وإن شاء صام عن كل مد من الطعام يوما حيث كان. والثاني وهو ما ليس بمثلي كالعصافير وغيرها. وبالجملة كل ما دون الحمام أو فوقه فيه قيمته ولا يتصدق بها بل يجعلها طعاما، ثم إن شاء تصدق بها وإن شاء صام عن كل مد يوما، فإن انكسر مد في القسمين صام يوما لأن الصوم لا يتبعض. فللجزاء في القسم الأوّل ثلاثة أركان: الحيوان والطعام والصيام. وفي القسم الثاني ركنان: الطعام والصيام وأَوْ هنا على التخيير في ظاهر المذهب لا على الترتيب. ووافق مالك وأبو حنيفة لأن «أو» للتخيير غالبا، وخالف أحمد وزفر فقالا إنها في الآية للترتيب لأن الواجب هنا شرع على سبيل التغليظ بدليل قوله لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ والتخيير ينافي التغليظ. ثم القائلون بالتخيير اتفقوا على أن الخيار في تعيين هذه الثلاثة إلى قاتل الصيد كما هو ظاهر الآية إلا محمد بن الحسن فإنه قال: الخيار إلى الحكمين قياسا على تعيين المثل. ثم إن لم يكن الصيد مثليا فالعبرة في القيمة بمحل الإتلاف قياسا على كل متلف متقوّم، والمعتبر في الصرف إلى الطعام سعر الطعام بمكة. وإن كان مثليا وأراد تقويم مثله من النعم ليرجع إلى الإطعام أو الصيام فالعبرة في قيمته بمكة يومئذ لأنها محل الذبح لو كان يذبح. ولا جزاء على المحرم بأكل الصيد سواء ذبحه بنفسه أو اصطيد له أو بدلالته لأنه ليس بنام بعد الذبح ولا يؤل إلى النماء فلا يتعلق بإتلافه الجزاء، كما لو أتلف بيضة مذرة هذا في الجديد من قولي الشافعي

<<  <  ج: ص:  >  >>