للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختص بالطعام. وقال الزجاج: انه مصدر مؤكد لأن قوله أُحِلَّ لَكُمْ في معنى التمتيع وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً قال العلماء: صيد البحر هو الذي لا يعيش إلا في الماء، أما الذي لا يعيش إلا في البر والذي يمكنه أن يعيش في البر تارة وفي البحر أخرى فذاك كله صيد البر، والسلحفاة والسرطان والضفدع وطير الماء كل ذلك من صيد البر، ويجب على قاتله الجزاء. واتفق المسلمون على أن المحرم يحرم عليه الصيد الذي صاده أما الذي صاده الحلال

فعن علي وابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير وطاوس والثوري واسحق أن الحكم كذلك لإطلاق الآية،

ولما

روي عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي إليه حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله.

وقال مالك والشافعي وأحمد: إن لحم الصيد مباح للمحرم بشرط أن لا يصطاده المحرم ولا يصطاد له لما

روى أبو داود في سننه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم» «١»

وعن أبي هريرة وعطاء ومجاهد أنهم أجازوا للمحرم ما صاده الحلال وإن صاده لأجله إذا لم يدل ولم يشر، وكذلك ما ذبحه قبل إحرامه وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه لما

روي عن أبي قتادة أنه اصطاد حمار وحش وهو حلال في أصحاب محرمين له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أشرتم؟

هل أعنتم؟ فقالوا: لا فقال: هل بقي من لحمه شيء؟ قالوا معنا رجله. فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فأكلها.

وهذان القولان مفرعان على تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد. وقال في الكشاف: أخذ أبو حنيفة بالمفهوم فكأنه قيل: وحرم عليكم أيها المحرمون ما صدتم في البر، فيخرج عنه مصيد غيرهم. ويرد عليه أن المفهوم ليس بحجة. ثم حث على الطاعة والاجتناب عن المعاصي بقوله وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وهو كلام جامع للوعد والوعيد.

ثم ذكر سبب حرمة الصيد في الحرم وفي الإحرام فقال جَعَلَ اللَّهُ أي حكم وبين بالخطاب والتعريف، أو صير بخلق دواعي التعظيم في القلوب قِياماً لِلنَّاسِ وهم العرب ووجه المجاز أن أهل بلدة إذا قالوا «الناس فعلوا كذا» أرادوا أهل بلدتهم فنطق القرآن على مجرى عادتهم. وبيان القيام أن قوام المعيشة إما بكثرة المنافع وقد جعله بحيث يجبى إليه ثمرات كل شيء، وإما بدفع المضار وقد صيره حرما آمنا، وإما بحصول الجاه والرياسة وتوفر الدواعي والرغبات وذلك بدعاء إبراهيم عليه السلام. فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ [إبراهيم: ٣٧] ثم المنافع الدينية الحاصلة من مناسكها وشعائرها أكثر من أن تحصى


(١) رواه ابو داود في كتاب المناسك باب ٤٠. الترمذي في كتاب الحج باب ٢٥. النسائي في كتاب المناسك باب ٨١. أحمد فى مسنده (٣/ ٣٦٢، ٣٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>