للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في «عنها» إلى الأشياء وإن كانا في الحقيقة نوعين مختلفين، لأن كلا منهما مسؤول عنه في الجملة. وقيل: المعنى وإن تسألوا عن تلك السؤالات هل هي جائزة أم لا تبد لكم. والمراد أن تطلب الرخصة في السؤال أوّلا ثم يسأل عَفَا اللَّهُ عَنْها أي عما سلف من مسألتكم وإغضابكم الرسول فلا تعودوا» إليها، أو المراد بالعفو أنه تعالى ما أظهر عند تلك المسائل ما يشق عليهم من التكاليف. وقيل: إن الجملة صفة أخرى للأشياء كما أن الجملة الشرطية والمعطوف عليها صفة لها. والمعنى لا تسألوا عن أشياء أمسك الله عنها وكف عن ذكرها كما

جاء في الحديث «عفوت عن صدقة الخيل والرقيق» «١»

أي خفف عنكم بإسقاطها قَدْ سَأَلَها يعني المسألة التي دل عليها لا تسألوا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ سأل الناقة قوم صالح فعقروها، وسأل الرؤية قوم موسى عليه السلام فصار وبالا عليهم، وسأل المائدة قوم عيسى عليه السلام فكفروا بها، ويحتمل أن يعود الضمير في سألها إلى الأشياء فكأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم سألوا عن أحوال الأشياء والمتقدمين سألوا نفس الأشياء كالناقة والمائدة والرؤية فلما اختلفت الأسئلة اختلفت العبارة إلا أن كل واحد من القسمين يشتركان في وصف هو الخوض في الفضول والشروع فيما لا يعني فتوجه الذم عليهما جميعا. ولما منعهم عن أمور تكلفوا البحث عنها ذم سيرة قوم تكلفوا التزام أمور لم يؤمروا بها. ومعنى ما جَعَلَ ما حكم بذلك ولا شرع. والبحيرة «فعلية» من البحر الشق. وبحر ناقته إذا شق أذنها وهي بمعنى المفعول. قال أبو عبيدة والزجاج: كان أهل الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة أبطن وكان آخرها ذكرا شقوا أذن الناقة ومنعوا ركوبها وسيبوها لآلهتهم لا تنحر ولا يحمل على ظهرها ولا تطرد عن ماء ولا تردّ عن مرعى ولا ينتفع بها حتى لو لقيها المعي لا يركبها تحرجا. وأما السائبة فإنها فاعلة من «ساب» إذا جرى على وجه الأرض. يقال: ساب الماء وسابت الحية، فالسائبة هي التي تركت حتى تسيب إلى حيث شاءت، قال أبو عبيدة: كان الرجل إذا مرض أو قدم من سفر أو نذر نذرا أو شكر نعمة سيب بعيره فكان بمنزلة البحيرة في أحكامها. وقيل: هي أم البحيرة كانت الناقة إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو الضيف حتى تموت، فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء جميعا وبحرت أذن بنتها الأخيرة وكانت بمنزلة أمها في أنها سائبة. وقال ابن عباس: السائبة هي التي تسيب للأصنام أي تعتق لها وكان الرجل يسيب من ماله ما يشاء فيجيء به إلى السدنة وهم خدم آلهتهم فيطعمون من لبنها أبناء السبيل. وقيل: هي العبد يعتق على أن لا يكون عليه ولاء ولا


(١) رواه الترمذي في كتاب الزكاة باب ٣. أبو داود في كتاب الزكاة باب ٥. النسائي في كتاب الزكاة باب ١٨. ابن ماجه في كتاب الزكاة باب ٤، ١٥. الدارمي في كتاب الزكاة باب ٧. أحمد في مسنده (١/ ١٨، ٩٢، ١٣٢، ١٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>