للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميراث. وأما الوصيلة فإذا ولدت الشاة أنثى فهي لهم، وإن ولدت ذكرا فهو لآلهتهم، وإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم. فالوصيلة بمعنى الموصولة كأنها وصلت بغيرها أو بمعنى الواصلة لأنها وصلت أخاها. وأما الحامي فيقال:

حماه يحميه إذا حفظه. قال السدي: هو الفحل الذي يضرب في الإبل عشر سنين فيخلى.

وقيل: إن الفحل إذا ركب ولد ولده قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى إلى أن يموت. فإن قيل: إذا جاز إعتاق العبيد والإماء فلم لا يجوز إعتاق البهائم من الذبح والإيلام؟ فالجواب أن الإنسان خلق لعبادة الله تعالى فإذا أزيل الرق عنه كان ذلك معينا له على ما خلق لأجله، أما العجم من الحيوانات فإنما خلقت لمنافع المكلفين فتركها يقتضي تفويت كمالها عليها. وأيضا الإنسان إذا أعتق قدر على تحصيل المنافع ودفع المضار بخلاف البهائم فإنها عاجزة عن جذب الملائم ودفع المنافي في الأغلب، فإعناقها يفضي إلى ضياعها فظهر الفرق. وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ قال ابن عباس: يريد عمرو بن لحى وأصحابه كان قد ملك مكة شرفها الله وكان أوّل من غير دين إسماعيل فاتخذ الأصنام ونصب الأوثان وشرع البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقه «لقد رأيته في النار يؤذي أهل النار ريح قصبه»

والقصب الأمعاء هذا حال رؤسائهم وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ يعني العوام والأتباع. ثم رد على أهل التقليد بقوله وَإِذا قِيلَ لَهُمْ الآية وقد مر تفسير مثله في سورة البقرة. فنفى العقل عنهم هناك والعلم هاهنا مع نفي الاهتداء في الموضعين وفيه دليل على أن الاقتداء لا يجوز إلا بالعاقل العالم المهتدي لابتناء قوله على الحجة والدليل لا على التقليد والأضاليل. قال أهل البرهان: العلم أبلغ درجة من العقل ولهذا يوصف الله تعالى بالعلم ولا يوصف بالعقل، وكان دعواهم هاهنا أبلغ لقولهم حَسْبُنا ما وَجَدْنا فناسب أن ينفي عنهم العلم الذي هو أبلغ. ثم ذكر أن هؤلاء الجهال مع ما تقدم من أنواع المبالغة في الإعذار والإنذار والترغيب والترهيب لم ينتفعوا بشيء منه بل أصروا على جهالتهم وضلالتهم فلا تبالوا بهم أيها المؤمنون، فإن جهلهم لا يضركم إذا كنتم منقادين لتكاليف الله مطيعين لأوامره ونواهيه. تقول العرب: عليك زيدا وعندك عمرا يعدّونهما إلى المفعول كأنه قيل:

خذ زيدا فقد علاك أي أشرف عليك وحضرك عمرو فخذه. وليس المراد في عليك أنه حرف جر مع مجروره متعلق بمحذوف، بل الجار والمجرور معا منقول إلى معنى الفعل نقل الأعلام ولهذا سمي اسم فعل. فإن قيل: ظاهر الآية يوهم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس بواجب، فالجواب المنع فإن الآية لا تدل إلا على أن المطيع لربه غير مؤاخذ بذنب العاصي وهذا

خطب أبو بكر فقال: إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها

<<  <  ج: ص:  >  >>