أرجلهم فأعطاني ذلك. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني» «١»
«وأخبرني جبريل أن فناء أمتي بالسيف»
قالت الأشاعرة: في قوله أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً دلالة على أن الأهواء المختلفة والآراء الفاسدة والبدع كلها من الله تعالى وفي قوله وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ إشارة إلى أن المعاصي وأنواع الظلم مستندة إلى الله تعالى وقالت المعتزلة: الآية لا تدل إلا على أنه تعالى قادر على القبيح والنزاع في أنه هل يفعل ذلك أم لا؟ وأجيب بأن الآية دلت على أن القدرة على هذه الأمور تختص به، وهذه الأمور واقعة فيكون هو فاعلها بالضرورة انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ نقرر الدلائل الواضحات. وقد قال مثل ذلك فيما قبل فالتقدير: انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون فلا نعرض عنهم بل نكررها لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ وَكَذَّبَ بِهِ أي بالعذاب المذكور في الآية السابقة قَوْمُكَ يعني قريشا ومن دان بدينهم وَهُوَ الْحَقُّ أي لا بد أن ينزل بهم. وقيل: أي بالقرآن وهو الحق لأنه كتاب منزل من عند الله.
وقيل: أي بتصريف الآيات لأنهم كذبوا كون هذه الأشياء دلالات. قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ أي بحافظ حتى أجازيكم على تكذيبكم وإعراضكم عن قبول الدلائل إنما أنا منذر.
لِكُلِّ نَبَإٍ لكل خبر يخبره الله تعالى مُسْتَقَرٌّ أي استقرار أو موضع استقرار. والمراد بالنبإ المنبأ به لأن النبأ قد حصل، والمقصود أن لعذاب الله تعالى أو لاستيلاء المسلمين على الكفار بالقتل والأسر والقهر وقتا ومكانا يحصل فيه من غير خلف ولا تأخير وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ فيه من التهديد ما فيه.
ثم بين أن أولئك المكذبين إن ضموا إلى كفرهم وتكذيبهم الاستهزاء بالدين والطعن في الرسول فإنه يجب الاحتراز عن مجالستهم فقال وَإِذا رَأَيْتَ أيها السامع الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا والخوض في اللغة عبارة عن المفاوضة على وجه اللغو والعبث، ويقرب منه قول المفسرين إنه في الآية الشروع في آيات الله على سبيل الطعن والاستهزاء، وكانت قريش في أنديتهم يفعلون ذلك فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ بالقيام عنهم لقوله بعد ذلك فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى وقيل: المطلوب إظهار الإنكار وكل طريق أفاد هذا الغرض وإن كان غير القيام عن مجلسهم فإنه يجوز المصير إليه، هذا عند عدم الخوف، أما مع الخوف فهذا الفرض ساقط والتقية واجبة. نعم كل ما أوجب على الرسول صلى الله عليه وسلم فعله وجب عليه، سواء ظهر أثر الخوف أو لم يظهر وإلا لم يبق الاعتماد على التكاليف التي يبلغها وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ أي يشغلك بوسوسته حتى تنسى النهي عن مجالستهم فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى بعد أن تذكر النهي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي معهم فوضع الظاهر موضع المضمر تسجيلا
(١) رواه مسلم في كتاب الفتن حديث ٢٠. ابن ماجه في كتاب الفتن باب ٩. الموطأ في كتاب القرآن حديث ٣٥. أحمد في مسنده (٥/ ٢٤٠، ٢٤٣) .