عليهم بالظلم. قال الليث: الذكرى اسم للتذكرة. وقال الفراء: هي الذكر. قال في الكشاف بناء على مذهبه: يجوز أن يراد وإن كان الشيطان ينسيك قبل النهي قبح مجالسة المستهزئين لأنها مما تنكره العقول فلا تقعد بعد الذكرى، بعد أن ذكرناك قبحها ونبهناك عليه معهم.
قال الجبائي: إذا كان عدم العلم بالشيء يوجب سقوط التكليف، فعدم القدرة على الشيء أولى بأن يوجب سقوط التكليف، فعدم القدرة على الشيء أولى بأن يوجب سقوط التكليف، وهذا يدل على أن تكليف ما لا يطاق لا يقع، ويدل على أن الاستطاعة حاصلة قبل الفعل لأنها لو لم تحصل إلا مع الفعل لم يكن الكافر قادرا على الإيمان فوجب أن لا يتوجه عليه الأمر بالإيمان. قال ابن عباس: قال المسلمون: لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف بالبيت فنزلت الرخصة أن يقعدوا معهم ويذكروهم ويفهموهم بقوله وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ أي الشرك والكبائر والفواحش مِنْ حِسابِهِمْ من ذنوبهم التي يحاسبون عليها مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى أي ولكن يذكرونهم تذكيرا، أو ولكن عليهم أن يذكروهم، أو ولكن الذي تأمرونهم به ذكرى. ولا يجوز أن يكون عطفا على محل مِنْ شَيْءٍ كقول القائل: ما في الدار من أحد ولكن زيد لأن قوله مِنْ حِسابِهِمْ يأبى ذلك فإن الذكرى ليس من حساب المشركين.
ثم أكد الإعراض عنهم بقوله وَذَرِ الَّذِينَ والمراد ترك معاشرتهم وملاطفتهم والمبالاة بهم لا ترك إنذارهم وتخويفهم كقوله فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ [النساء: ٦٣] وصفهم بوصفين الأوّل أنهم اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وفيه وجوه: اتخذوا دينهم الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام لعبا ولهوا حيث سخروا به واستهزؤا، أو اتخذوا ما هو لعب ولهو يعني عبادة الأوثان وغيرها دينا لهم، أو المراد ما كانوا يحكمون به بمجرد التقليد والهوى كتحريم البحائر والسوائب، أو المراد أن المشركين وأهل الكتاب اتخذوا أعيادهم لعبا ولهوا لا كالمسلمين حيث اتخذوا عيدهم كما شرعه الله تعالى. قال ابن عباس: أو هو إشارة إلى من جعل دين الإسلام وسيلة إلى المناصب والرياسات والغلبة والجلال لا لأنه حق وصدق في نفسه، ويؤكد هذا الوجه الوصف الثاني وهو قوله وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا كأنهم أعرضوا عن حقيقة الدين واقتصروا على تزيين الظواهر ليتوسلوا بها إلى حطام الدنيا وَذَكِّرْ بِهِ أي بالقرآن أو بالدين القويم مخافة أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ قال الحسن ومجاهد: أن تسلم إلى الهلاك والعذاب وترتهن بسوء فعلها وأصله المنع فالمسلم إليه وهو العذاب يمنع المسلم ومنه الباسل الشجاع لامتناعه من قرنه. وقال قتادة: تحبس في جهنم. وعن ابن عباس: تفتضح لَيْسَ لَها أي النفس مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ إن تفد كل فداء لأن الفادي يعدل المفدى بمثله لا يُؤْخَذْ مِنْها قال في الكشاف: فاعل يُؤْخَذْ قوله مِنْها