للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمستقذرات فنقول: إنه سبحانه قد وصف الخمر بأنه رجس وهاهنا علل تحريم لحم الخنزير بكونه رجسا فعلمنا أن النجاسة علة لتحريم الأكل وكل نجس فإنه يحرم أكله، هذا بعد إجماع الأمة على تحريم الخبائث والنجاسات. وإن جوزنا تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد كما

روي أنه صلى الله عليه وآله نهى عن كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطيور.

فلا إشكال. وقيل: المراد أن وقت نزول هذه الآية لم يكن محرم غير هذه الأربعة وزيف بأن تحريم شيء خامس نسخ والأصل عدمه. ثم بين سبحانه أنه حرم على اليهود أشياء أخر سوى هذه الأربعة فقال: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا وذلك نوعان: الأول أنه حرم عليهم كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وفيه لغات: ضم الفاء والعين وهي الفصحى، وكسرهما وهي قراءة ابن السماك، والضم مع السكون والكسر مع السكون وهي قراءة الحسن، واختلف في ذي الظفر فعن ابن عباس في رواية عطاء أنه الإبل فقط، وعنه في رواية أخرى وهو قول مجاهد أنه الإبل والنعام، وقيل: كل ذي مخلب من الطير وكل ذي حافر من الدواب، وسمي الحافر ظفرا على الاستعارة، وزيف بأن الحافر لا يكاد يسمى ظفرا وبأن البقر والغنم مباحان لهم كما يجيء مع أن لهما حافرا فإذن يجب حمل الظفر على المخلب والبراثن من الجوارح والسباع بل على كل ما له إصبع من دابة وطائر. وكان بعض ذوات الظفر حلالا لهم فلما ظلموا عمم التحريم. فعموم التحريم خاص بهم ولهذا قدم الجار في قوله وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا فيستدل بذلك على حل بعض هذه الحيوانات على المسلمين وهو ما سوى ذات المخلب والناب فيكون الخبر مبينا للآية لا مخالفا كما ظن صاحب التفسير الكبير. النوع الثاني قوله وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما قال في الكشاف: هو كقولك: «من زيد أخذت ماله» تريد بالإضافة يعني إضافة الأخذ إلى زيد بواسطة من زيادة الربط. والمعنى أنه حرم عليهم من كل ذي ظفر كله ومن البقر والغنم بعضهما وذلك شحومهما فقط، هذا أيضا ليس على الإطلاق لقوله: إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما قال ابن عباس: إلا ما علق بالظهر من الشحم فإني لم أحرمه. وقال قتادة: إلا ما علق بالظهر والجنب من داخل بطونها. وقيل: إلا ما اشتمل على الظهور والجنوب من السحفة وهي الشحمة التي على الظهر الملتزقة بالجلد فيما بين الكتفين إلى الوركين. وهي بالحقيقة لحم سمين لأنه يحمر عند الهزال ولهذا لو حلف لا يأكل الشحم فأكل من ذلك اللحم السمين لم يحنث على الأصح. والاستثناء الثاني قوله: أَوِ الْحَوايا قال الجوهري:

الحوايا الأمعاء واحدها حوية وفي معناها حاوية البطن وحاوياء البطن. وقال الواحدي: هي المباعر والمصارين والفحوى، أو ما اشتمل على الأمعاء يعني أن الشحوم الملتصقة بالمباعر والمصارين غير محرمة، والاستثناء الثالث: أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ قال جمهور المفسرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>