للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عفان وعبد الرحمن بن عوف وكان يعدّهم من أكابر المؤمنين، وقد ندب إلى إخراج الثلث أو الأقل في المرض.

ولو كان جمع المال محرما لكان يأمر المريض أن يتصدق بالكل بل الصحيح في حال صحته. حجة الأقلين عموم الآية وما

روى سالم بن الجعد أنها لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبا للذهب تبا للفضة قالها ثلاثا فقالوا له صلى الله عليه وسلم:

أي مال نتخذ؟ قال: «لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا وزوجة تعين أحدكم على دينه» .

وقوله: «من ترك صفراء أو بيضاء كوي بها» «١» وتوفي رجل فوجد في مئزره دينار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كية. وتوفي آخر فوجد في مئزره ديناران فقال:

كيتان.

وعن عليّ رضي الله عنه: كل مال زاد على أربعة آلاف فهو كنز أديت منه الزكاة أو لم تؤد.

ومن المعقول أن الله تعالى خلق الأموال لدفع الحاجات فإذا حصل للمرء منه ما زاد على قدر حاجته ومنع منه الغير كان مانعا من ظهور حكمة الله ودافعا لوجوه الإحسان إلى عبيده. وقد رام طائفة من العلماء الجمع بين القولين فقالوا: كان هذا قبل أن تفرض الزكاة، فأما بعد فرض الزكاة فالله أعدل وأكرم من أن يجمع عبده مالا من حيث أذن له فيه ويؤدي عنه ما أوجب عليه ثم يعاقبه. وقال أهل التحقيق: النهي عن جمع المال محمول على التقوى لأن تزايد المال لا حد له يقف هنالك فينجز إلى تضييع العمر تارة في تحصيله وأخرى في حفظه، لأنه كلما ازداد المال ازدادت لذته بذلك فيشتد حرصه ولا ينقطع البتة، وقد يفضي إلى الطغيان والخذلان كقوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى [العلق: ٦، ٧] ولو لم يكن في الفقر سوى الانكسار وقلة التعلق وفراغ البال لكفى بها منقبة وفخرا، وكل ما يلهيك عن الله ولم يكن في سبيل الله فعدمه خير من وجوده. وأما ظاهر الفتوى فهو أن صاحب المال الكثير لا عتب عليه إذا أدّى منه حقوقه.

هذا ومن حمل الآية على وعيد مانعي الزكاة في النقود قاس الزكاة في المواشي عليه.

وقد ورد أيضا في الحديث: «ما من صاحب إبل أو بقر أو غنم» «٢»

وهو مشهور. ولا ريب أن الأصل المعتبر في الأموال هو النقدان، وسائر الأمتعة إنما تحصيل بهما وتدور عليهما.

ولمن أوجب الزكاة في الحلي المباح الاستدلال بالآية لأن الذهب والفضة يشمله، ومن لم يوجب الزكاة فيه خصص عموم الآية بما

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا زكاة في الحلي المباح»

ولم يصححه أبو عيسى الترمذي. وبتقدير أن يصح حملوه على اللآلئ لقوله تعالى


(١) رواه أحمد في مسنده (٥/ ١٦٨) .
(٢) رواه ابن ماجه في كتاب الزكاة باب ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>