للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعْداً عَلَيْهِ قال الزجاج: إنه منصوب بمعنى قوله: بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ كأنه قيل: وعدهم الجنة وعدا فهو مصدر مؤكد، وكذا قوله حَقًّا أو هو نعت للمصدر مؤكد وما الذي حصل فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ قيل: وعد المجاهدين على الإطلاق، وقيل: ذكر هذا البيع لأمة محمد، وقيل: الأمر بالقتال وَمَنْ أَوْفى استفهام بمعنى الإنكار أي لا أحد أوفى بما وعد مِنَ اللَّهِ لأنه الغني عن كل الحاجات القادر على كل المقدورات.

وفي الآية أنواع من التوكيدات فأولها قوله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى وإذا كان المشتري هو الإله الواجب الذات المتصف بجميع الكمالات المفيض لك الخيرات فما ظنك به، ومنها أنه عبر عن إيصال الثواب بالبيع والشراء حتى يكون حقا مؤكدا. ومنها أنه قال بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ بحرف التحقيق وبلام التمليك دون أن يقول بالجنة. ومنها قوله وَعْداً وإنه لا يخلف الميعاد. ومنها قوله عَلَيْهِ وكلمة «على» للوجوب ظاهرا. ومنها قوله:

حَقًّا وهو تأكيد التحقيق. ومنها قوله: فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وإنه يجري مجرى الإشهاد لجميع الكتب الإلهية وجميع الأنبياء والرسل هذه المبايعة. ومنها قوله:

وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ وفيه تنبيه على أنه لا يكذب ولا يخلف البتة. ومنها قوله:

فَاسْتَبْشِرُوا والبشارة الخبر الصدق الأول. ومنها قوله: وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ ثم وصف الفوز ب الْعَظِيمُ واعلم أن هذه الخاتمة تقع على ثلاثة أوجه: أحدها ذلك الفوز بغير «هو» وإنه في ستة مواضع: في «براءة» موضعان، وفي «النساء والمائدة والصف والتغابن» وما في «النساء» بزيادة واو. والآخر وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ بزيادة «هو» وذلك في ستة مواضع أخرى في «براءة» موضعان و «يونس» و «المؤمن» و «الدخان» و «الحديد» وما في براءة أحدهما بزيادة الواو وهو خاتمة هذه الآية، وكذلك ما في «المؤمن» . وسبب هذا الاختلاف أن الجملة إذا جاءت بعد جملة من غير تراخ بنزول جاءت مربوطة إما بواو العطف وإما بكناية تعود من الثانية إلى الأولى وإما بإشارة فيها إليها، وربما جمع بين الشيئين منها والثلاثة للدلالة على المبالغة. وقد جمع في هذه الخاتمة بين الثلاثة لغاية التوكيد والمبالغة، أو لأنه ذكر الكتب الثلاثة فكل رابطة في مقابلة كتاب واحد. وكذلك في «المؤمن» وقع الثلاثة في مقابلة ثلاثة أدعية فَاغْفِرْ وَقِهِمْ وَأَدْخِلْهُمْ قال أبو القاسم البلخي: لا بد من حصول الأعواض على الآلام للأطفال والبهائم قياسا على ما أثبته الله تعالى للمكلفين من العوض على ألم القتل وهو الجنة.

ثم ذكر أن حكم سائر المؤمنين كذلك فقال: التَّائِبُونَ قال الزجاج: إنه مبتدأ محذوف الخبر أي التائبون العابدون من أهل الجنة أيضا وإن لم يجاهدوا كقوله وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى [النساء: ٩٥] وقيل: التائبون رفع على البدل من الضمير في

<<  <  ج: ص:  >  >>