يفتقر إلى المعبر. ثم منها ما هي منتسقة منظمة يسهل على المعبر الانتقال من تلك المتخيلات إلى الحقائق الروحانيات، ومنها ما تكون مختلطة مضطربة لا يضبط تحليلها وتركيبها لتشويش وقع في ترتيبها وتأليفها فهي المسماة بالأضغاث. وبالحقيقة، الأضغاث ما يكون مبدؤها تشويش القوة المتخيلة لفساد وقع في القوى البدنية، أو لورود أمر غريب عليه من خارج، لكن القسم المذكور قد يعد من الأضغاث من حيث إنها أعيت المعبرين عن تأويلها.
ولنشتغل بتفسير الألفاظ، أما الملك فريان بن الوليد ملك مصر، وقوله: إِنِّي أَرى حكاية حال ماضية. وسمان جمع سمينة وسمين وسمينة يجمع على سمان كما يقال: رجال كرام ونسوة كرام قال النحويون: إذا وصف المميز فالأولى أن يوقع الوصف وصفا للمميز كما في الآية دون العدد، لأنه ليس بمقصود بالذات فلهذا قيل سمان بالجر ليكون وصفا لبقرات، ويحصل التمييز لسبع بنوع من البقرات وهي السمان منهن، ولو نصب جعل تمييز السبع بجنس البقرات أولا ثم يعلم من الوصف أن المميز بالجنس موصوف بالسمن. والعجف هو الهزال الذي ليس بعده هزال، والنعت أعجف وعجفاء وهما لا يجمعان على فعال ولكنه حمل على سمان لأنه نقيضه. وقوله سبع عجاف تقديره بقرات سبع عجاف فحذف للعلم به كما في قوله: وَأُخَرَ يابِساتٍ التقدير وسبعا أخر لانصباب المعنى إلى هذا العدد. وإنما لم يقال سبع عجاف على الإضافة لأن البيان لا يقع بالوصف وحده. وقولهم «ثلاثة فرسان» و «خمسة أصحاب» لأنه وصف جرى مجرى الاسم، ولا يجوز أن يكون قوله وَأُخَرَ مجرورا عطفا على سُنْبُلاتٍ لأن لفظ الأخر يأباه ويبطل مقابلة السبع بالسبع. وأراد بالملأ الأعيان من العلماء والحكماء، واللام في لِلرُّءْيا للبيان كما قلنا في وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ [يوسف: ٢٠] أو لأن عمل العامل فيما تقدم عليه يضعف فيعضد باللام كما يعضد اسم الفاعل بها وإن تأخر معموله، أو لأن قوله: لِلرُّءْيا خبر «كان» كقوله هو لهذا الأمر أي متمكن منه مستقل به وتَعْبُرُونَ خبر آخر أو حال أو لتضمن تَعْبُرُونَ معنى تنتدبون لعبارة الرؤيا والفصيح عبرت الرؤيا بالتخفيف، وقد يشدد واشتقاقه من العبر بالكسر فالسكون وهو جانب النهر فيقال: عبرت النهر إذا قطعته حتى تبلغ آخر عرضه، وعبرت الرؤيا إذا تأملت ناحيتها فانتقلت من أحد الطرفين إلى الآخر. والأضغاث جمع ضغث وهو الحزمة من أنواع النبت والحشيش مما طال ولم يقم على ساق، والإضافة بمعنى من أي أضغاث من أحلام والصيغة للجمع ولكن الواحد قد يوصف به كما قال: رمح أقصاد وبرمة أعشار. فالمراد هي حلم أضغاث أحلام. وقد يطلق الجمع ويراد به الواحد كقولهم «فلان يركب الخيل