للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحديث الإسراء به وأنه أسري به من مكة إلى بيت المقدس ومنه عرج إلى السماء ورأى ما فيها من العجائب ولقي الأنبياء وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى. فقال أبو جهل: يا معشر بني كعب بن لؤي هلم فحدثهم، فمن بين مصفق وواضع يده على رأسه تعجبا وإنكارا، وارتد ناس ممن كان آمن به، وسعى رجال إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: إن كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: أتصدقه على ذلك؟ قال: إني لأصدقه على أبعد من ذلك فسمي الصديق. وكان فيهم من سافر إلى الشام فاستنعتوه المسجد فجلى له صلى الله عليه وسلم بيت المقدس فطفق ينظر إليه وينعته لهم فقالوا: أما النعت فقد أصاب. فقالوا: أخبرنا عن عيرنا فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها وقال: تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق، فخرجوا يشتدون ذلك اليوم نحو الثنية فقال قائل منهم:

هذه والله الشمس قد شرقت، وقال آخر: وهذه والله العير قد أقبلت يقدمها جمل أورق كما قال محمد صلى الله عليه وسلم، ثم لم يؤمنوا وقالوا: ما هذا إلّا سحر مبين.

ولما حكى طرفا من إكرام محمد صلى الله عليه وسلم ذكر شيئا من إكرام موسى فقال: وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أخرجناهم بواسطته من ظلمات الجهل والكفر إلى نور العلم والدين أَلَّا تَتَّخِذُوا من قرأ على الغيبة ف «أن» ناصبة ولام العاقبة محذوفة أي لئلا يتخذوا، ومن قرأ على الخطاب ف «أن» مفسرة معناها أي لا تتخذوا كقولك: كتبت إليه أن افعل كذا، وزائدة والقول مضمر يعني قلنا لهم لا تتخذوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ربا تكلون إليه أمركم يا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ قال قتادة: الناس كلهم ذرية نوح عليه السلام لأنه كان معه في السفينة ثلاثة بنين: سام وحام ويافث، والناس كلهم من ذرية أولئك. فقوله «يا ذرية» قائم مقام قوله: يا أيها الناس وعلى القراءة الأولى انتصب ذُرِّيَّةَ على الاختصاص، وعلى القراءتين احتمل أن ينتصب على أنه مفعول آخر ليتخذوا أي لا تجعلوهم أربابا كقوله: وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً [آل عمران: ٨٠] من ذرية المحمولين مع نوح وعيسى وعزيز. ثم علل النهي عن الإشراك بقوله: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً أي أنتم ذرية من آمن به وحمل معه فاجعلوه أسوتكم كما جعله آباؤكم أسوتهم في الشكر لله وعدم اتخاذ الشريك له.

ويجوز أن يكون تعليلا لاختصاص بني إسرائيل والثناء عليهم بأنهم أولاد المحمولين مع نوح فهم متصلون به، فلهذا استأهلوا الاختصاص. وجوز في الكشاف أن يكون ثناء على نوح بطريق الاستطراد.

يروى من شكره أنه كان إذا أكل قال: الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء أجاعني، وإذا شرب قال: الحمد لله الذي سقاني ولو شاء أظمأني، وإذا اكتسى قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>