بيعتهم؟ فضحك المنصور وقال: إياك يا ربيع وأبا حنيفة، فلما خرج الربيع قال: سعيت في دمي قال: كنت البادي. ويحكى أنه دخل اللصوص على رجل وأخذوا متاعه واستحلفوه بالطلاق ثلاثا أن لا يعلم أحدا. فأصبح الرجل وهو يرى اللصوص يبيعون متاعه وليس يقدر أن يتكلم من أجل يمينه، فجاء الرجل يشاور أبا حنيفة، فقال: أحضر لي إمام مسجدك وأهل محلتك فأدخلهم جميعا في دار واحدة وأخرج واحدا واحدا. فقال للرجل: إن لم يكن لصك فقل: لا، وإن كان فاسكت. فلما سكت قبض على اللص ورد الله تعالى عليه جميع ما سرق منه. ويحكى أنه كان في جوار أبي حنيفة فتى يغشى مجلس أبي حنيفة، فقال يوما له: إني أريد التزوج من آل فلان وقد خطبتها إليهم فطلبوا مني من المهر فوق طاقتي.
قال: استقرض وادخل عليها فإن الله تعالى يسهل الأمر عليك بعد ذلك. فأقرضه أبو حنيفة ذلك القدر ثم قال له بعد الدخول: أظهر أنك تريد الخروج من هذا البلد إلى بلد بعيد، وأنك تسافر بأهلك معك. فأظهر الرجل ذلك فاشتد على أهل المرأة وجاءوا إلى أبي حنيفة يشكونه ويستفتونه فقال لهم: له ذلك، والطريق أن ترضوه بأن تردوا عليه ما أخذتموه فأجابوا إليه، فقال الزوج: إني أريد شيئا آخر فوق ذلك. فقال له أبو حنيفة: ترضى بهذا وإلا أقرت لرجل بدين فلا يمكن المسافرة بها حتى تقضي ما عليها، فقال الرجل: الله الله، لا يسمعوا بهذا، فرضي بذلك وحصل ببركة علم أبي حنيفة فرج كل واحد من الخصمين.
وسئل أبو حنيفة عن رجل حلف ليقربن امرأته في نهار رمضان فلم يعرف أحد وجه الجواب. فقال: يسافر بامرأته فيطؤها نهارا في رمضان. وقال بشر المريسي للشافعي: كيف تدعي انعقاد الإجماع مع أهل المشرق والمغرب على شيء واحد- وكانت هذه المناظرة عند الرشيد- فقال الشافعي: هل تعرف إجماع الناس على خلاف هذا الجالس؟ فأقر به خوفا وانقطع.
ويحكى أن أعرابيا سأل الحسين بن علي رضي الله عنه حاجة وقال:«سمعت جدك يقول: إذا سألتم حاجة فاسألوها من أحد أربعة: إما عربيا شريفا، أو مولى كريما، أو حامل القرآن، أو صاحب الوجه الصبيح» فأما العرب فشرفت بجدك، وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم، وأما القرآن ففي بيوتكم نزل، وأما الوجه الصبيح فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إذا أردتم أن تنظروا إليّ فانظروا إلى الحسن والحسين» رضي الله عنهما. فقال الحسين رضي الله عنه: ما حاجتك؟ فكتبها على الأرض. فقال الحسين رضي الله عنه: سمعت أبي عليا رضي الله عنه يقول: قيمة كل امرئ ما يحسنه. وسمعت جدي يقول: المعروف بقدر المعرفة فأسألك عن ثلاث مسائل، إن أحسنت في جواب واحدة فلك ثلث ما عندي، وإن أجبت عن اثنتين فلك ثلثا ما عندي، وإن أجبت عن الثلاث فلك كل ما عندي. وقد حمل إلى الحسين صرة مختومة من العراق فقال: سل ولا قوة إلا بالله. فقال رضي الله عنه: