٩] أو إشارة إلى ما مرّ في السورة من قوله: أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً [الإسراء: ٦٨] أي أجعل السماء قطعا متفرقة كالحاصب وأسقطها علينا.
وقال عكرمة: كما زعمت يا محمد أنك نبي فاسقط السماء علينا. وقيل: كما زعمت أن ربك إن شاء فعل. قال في الكشاف: الكسف بسكون السين وفتحها جمع «كسفة» بالسكون كسدرة وسدر وسدر. وقال أبو علي: الكسف بالسكون الشيء المقطوع كالطحن للمطحون. واشتقاقه- على ما قال أبو زيد- من كسفت الثوب كسفا إذا قطعته. وقال الزجاج: من كسفت الشيء إذا غطيته كأنه قيل: أو تسقطها طبقا علينا، وهو نصب على الحال في القراءتين. ومعنى قَبِيلًا كفيلا بما تدعي من صحة النبوة والمراد أو تأتي بالله قبيلا وبالملائكة قبيلا فاختصر، أو المراد المقابل كالعشير بمعنى المعاشر. وفيه دليل على غاية جهلهم حيث لم يعلموا أنه تعالى لا يجوز عليه المعاينة نظير قولهم: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا [الفرقان: ٢١] وقال ابن عباس: أراد فوحا بعد فوج. وقال الليث: كل جند من الجن والإنس قبيل وقد مر في تفسير قوله: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ [الأعراف: ٢٧] .
قوله: بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ قال مجاهد: كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأينا في قراءة عبد الله «أو يكون لك بيت من ذهب» . وقال الزجاج: هو الزينة ولا شيء في تحسين البيت وتزيينه كالذهب. أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ أي في معارجها فحذف المضاف. يقال: رقي في السلم وفي الدرجة. والمصدر «رقى» وأصله «فعول» كقعود وَمعنى لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ لن نؤمن لك لأجل رقيك حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً من السماء فيه تصديقك. قال الرسول: متعجبا من اقتراحاتهم أو تنزيها لله من تحكماتهم أو من قولهم: أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ أي لست إِلَّا بَشَراً رَسُولًا فإن طلبتم هذه الأشياء أن آتي بها من تلقاء نفسي فالبشر لا يقدر على أمثال ذلك فكيف أقدر أنا عليها؟ وإن أردتم أن أطلب من الله إظهارها على يدي فالرسول إذا أتى بمعجز واحد وجب الاكتفاء به، ولا ضرورة إلى طلب الزيادة وأنا عبد مأمور ليس لي أن أتحكم على الله بما ليس بضروري في الدعوة.
ثم حكى عنهم شبهة أخرى فقال: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا أي الإيمان بالقرآن وبنبوة محمد إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وهو الوحي المعجز الهادي إلى طريق النجاة إِلَّا أَنْ قالُوا منكرين أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا ثم أجاب عن شبهتهم بقوله: قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ على الأقدام كما يمشي الإنس مُطْمَئِنِّينَ ساكنين فيها لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا لأن الرسول لا بد أن يكون من جنس المرسل إليهم. فكأنه اعتبر