الإعثار فقال: لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ يروى أن ملك ذلك العصر ممن كان ينكر البعث إلا أنه كان مع كفره منصفا فجعل الله أمر الفتية دليلا للملك. وقيل: بل اختلفت الأمة في ذلك الزمان فقال بعضهم: الجسد والروح يبعثان جميعا. وقال آخرون: الروح تبعث وأما الجسد فتأكله الأرض. ثم إن ذلك الملك كان يتضرع أن يظهر له آية يستدل بها على ما هو الحق في المسألة فأطلعه الله تعالى على أمر أصحاب الكهف حتى تقرر عنده صحة بعث الأجساد، لأن انتباههم بعد ذلك النوم الطويل يشبه من يموت ثم يبعث. فالمراد بالتنازع هو اختلافهم في حقيقة البعث. والضمائر في قوله: إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ تعود إلى تلك الأمة. وقيل: أراد إذ يتنازع الناس بينهم أمر أصحاب الكهف ويتكلمون في قصتهم، أو يتنازعون بينهم تدبير أمرهم حين توفوا كيف يخفون مكانهم وكيف يسدون الطريق إليهم. فَقالُوا ابْنُوا على باب كهفهم بُنْياناً يروى أنه انطلق الملك وأهل المدينة معه وأبصروهم وحمدوا الله على آياته الدالة على البعث. ثم قالت الفتية للملك:
نستودعك الله ونعيذك به من شر الجن والإنس ثم رجعوا إلى مضاجعهم وتوفى الله أنفسهم، فألقى الملك عليهم ثيابه وأمر فجعل لكل واحد تابوتا من ذهب فرآهم في المنام كارهين للذهب، فجعلها من الساج وبنى على باب الكهف مسجدا. فيكون فيه دليل على أن أولئك الأقوام كانوا عارفين بالله تعالى ومعترفين بالعبادة والصلاة، وقيل: إن الكفار قالوا: إنهم كانوا على ديننا ونتخذ عليهم بنيانا، والمسلمين قالوا: بل كانوا على ديننا فنتخذ عليهم مسجدا، وقيل: إنهم تنازعوا في عددهم وأسمائهم. قال جار الله: رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ من كلام المتنازعين كأنهم تذاكروا أمرهم وتناقلوا الكلام في أنسابهم وأحوالهم، فلما لم يهتدوا إلى حقيقته قالوا ذلك، أو هو من كلام الله عز وجل رد القول الخائضين في حديثهم من أولئك المتنازعين، أو من الذين تنازعوا عوافيهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب. والذين غلبوا على أمرهم المسلمون وملكهم المسلم لأنهم بنوا عليهم مسجدا يصلى فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم وكانوا أولى بهم بالبناء عليهم حفظا لتربتهم بها وضنا بها سَيَقُولُونَ يعنى الخائضين في قصتهم من المؤمنين ومن أهل الكتاب المعاصرين وكان كما أخبر فكان معجزا، يروى أن السيد والعاقب وأصحابهما من أهل نجران كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجرى ذكر أصحاب الكهف فقال السيد وكان يعقوبيا هم ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وقال العاقب وكان نسطوريا هم خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ فزيف الله قولهما بأن قال: رَجْماً بِالْغَيْبِ أي يرمون رميا بالخبر الخفي يقال: فلان يرمي بالكلام رميا أي يتكلم من غير تدبر. وكثيرا ما يقال رجم بالظن