ومعنى كون الآلهة أضدادا أي أعوانا عليهم أنهم وقود النار وأن المشركين عذبوا بسبب عبادتها، ويحتمل أن يكون الضمير في يَكُونُونَ للمشركين أي يكون المشركون كفرة بآلهتهم وأعداء لهم بعد أن كانوا يعبدونها.
وحيث بيّن مذاهب الفرق الضالة أراد أن يبين منشأها فقال: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الآية. والأز الهز والتهييج. قالت: الأشاعرة: في الآية دلالة على أنه تعالى مريد لجميع الكائنات لأن قول القائل: «أرسلت فلانا على فلان» يفيد أنه سلطه عليه منه
قوله صلى الله عليه وسلم:«سم الله وأرسل كلبك عليه»
ويؤيده قوله: تَؤُزُّهُمْ أي تغريهم على المعاصي وتحثهم عليها بالوسواس والتسويلات. وقالت المعتزلة: أراد بهذا الإرسال التخلية بينهم وبينهم كما إذا لم يمنع الرجل من دخول بيت جيرانه. وحاصل كلامهم أنه أرسل الأنبياء وأرسل الشياطين، ثم خلى بين المكلفين وبين الأنبياء والشياطين إلا أنه خص أولياءه بمزيد الألطاف حتى قبلوا قول الأنبياء، ومنع أعداءه تلك الألطاف وهو المسمى بالخذلان فقبلوا قول الشياطين. ولما كان هذا الإرسال سببا لهلاك الكفار عداه ب «على» لا ب «إلى» قلت: لا يخفى أن استناد الكل إلى الله تعالى فنزاع الفريقين لفظيّ أو قريب منه. فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ يقال: عجلت عليه بكذا إذا استعجل منه أي لا تعجل عليهم بأن يهلكوا فتستريح أنت والمسلمون من شرورهم فليس بينك وبين ما تطلب من هلاكهم إلا أيام محصورة وأنفاس معدودة. قال ابن عباس: نزلت في المستهزئين وهم خمسة رهط. وعنه أنه كان إذا قرأها بكى وقال: آخر العدد خروج نفسك، وآخر العدد فراق أهلك، وآخر العدد دخول قبرك. وعن ابن السماك أنه كان عند المأمون فقرأها فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما أسرع ما تنفد. وقال بعضهم:
إن الحبيب من الأحباب مختلس ... لا يمنع الموت بواب ولا جرس
وكيف يفرح بالدنيا ولذتها ... فتى يعد عليه اللفظ والنفس
ثم لما قرر أمر الحشر وأجاب عن شبه منكريه أراد أن يشرح حال المكلفين وقتئذ فقال: يَوْمَ نَحْشُرُ وانتصابه بمضمر متقدم أو متأخر أي اذكر يوم كذا وكذا نفعل بالفريقين ما لا يحيط به الوصف. ويجوز أن ينتصب ب لا يَمْلِكُونَ خص المتقون بالجمع إلى محل كرامة الرحمن وافدين. يقال: وفد فلان على الأمير وفادة أي ورد رسولا فهو وافد والجمع وفد كصاحب وصحب.
عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما يحشرون على أرجلهم ولكنهم على نوق رحالها ذهب وعلى