للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤتيه ذلك. وعن قتادة: هل له عمل صالح قدمه فهو يرجو بذلك ما يقول: وقيل: العهد كلمة الشهادة كَلَّا ردع وتنبيه على الخطأ فيما تصوره لنفسه وتمناه وفي قوله:

سَنَكْتُبُ بسين التسويف مع أن الحفظة يكتبون ما قاله في الحلل دليل على أن السين جرد هاهنا لمعنى الوعيد، أو أراد سيظهر له نبأ الكتابة بالتعذيب والانتصار يؤيده قوله:

وَنَمُدُّ لَهُ أي نطوّل له مِنَ الْعَذابِ ما يستأهله أمثاله من المستهزئين أو نزيده من العذاب ونضاعف له من المدد. مده وأمده بمعنى.

ثم أكد المدد بالمصدر وهو مؤذن بفرط الغضب أعاذنا الله منه، ثم عكس استهزاءه بقوله: وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ أي نمنع عنه منتهى ما زعم أنه يناله في الآخرة من المال والولد لأنه تألى على الله في قوله: لَأُوتَيَنَّ ومن يتأل على الله يكذبه لأن ذلك غاية الجراءة ونهاية الأشعبية. والمراد هب أنا أعطيناه ما اشتهاه أما نرثه منه في العاقبة وَيَأْتِينا غدا فَرْداً بلا مال ولا ولد. وكلام صاحب الكشاف في الوجهين ملخبط فليتأمل فيه. وكذا في قوله: فَرْداً على الأول حال مقدرة نحو فَادْخُلُوها خالِدِينَ [الزمر: ٧٣] لأنه وغيره سواء في إتيانه فردا حين يأتي، ثم يتفاوتون بعد ذلك. وذلك أن الخلود لا يتحقق إلا بعد الدخول، أما انفراده فمحقق في حالة الإتيان وتفاوت الحال بعد ذلك، واشتراك الكل في الإتيان منفردا لا مدخل له في المقصود فلا أدري ما حمله على هذا التكلف.

قال: ويحتمل أن هذا القول: إنما يقوله ما دام حيا فإذا قبضناه حلنا بينه وبين أن يقوله، ويأتينا منفردا عنه غير قائل له، أو أراد أن هذا القول لا ننساه ولا نلغيه بل نثبته في صحيفته لنضرب به وجهه في الموقف ونعيره به، ويأتينا على فقره ومسكنته فردا من المال والولد لم نعطه سؤله ومتمناه، فيجتمع عليه خطبان تبعة قوله وفقد سؤله. وحين فرغ من الرد على منكري البعث شرع في الرد على عبدة الأصنام فبين أوّلا عرضهم وذلك أن يتعززوا بآلهتهم وينتفعوا بشفاعتهم، ثم أنكر عليهم وردعهم بقوله: كَلَّا ثم أخبر عن مآل حالهم بقوله سَيَكْفُرُونَ فإن كان الضمير للمعبودين فهم إما الملائكة كقوله: قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ [سبأ: ٤١] وإما الأصنام فلا يبعد أن ينطق الله الجماد بذلك كقوله: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ [النحل: ٨٦] وإن كان الضمير للعابدين فهو كقوله: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ [النحل: ٨٦] وإن [الأنعام: ٢٣] أما الضمير في يكونون فللمعبودين، وقوله: عَلَيْهِمْ في مقابلة قوله:

لَهُمْ عِزًّا وضد العز الهوان كأنه قيل: ويكونون عليهم ذلا لهم عزا ويحتمل أن يراد بالضد العون لأنه يضاد العدو، ووحد لاتفاق كلمتهم وفرط تضامهم وتوافقهم

كقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>